الإطارُ
التّاريخي للمحور (التّجديدُ في الشّعر العربيّ في ق2هـ)
القرنُ
الثّاني للهجرة (ق2هـ) يوافق القرنَ الثّامن للميلاد (ق8م). ويندرجُ ضمنَ عصر
الخلافة العبّاسيّة الّتي امتدّتْ من: 132ه/750م إلى 656ه/1258م، أي إنّها استمرّتْ
524 عاما. تميّز المجتمعُ العبّاسيُّ بانفتاحٍ كبيرٍ على الأممِ الأجنبيّة
كالفارسيّة والتّركيّة والرّومانيّة وغيرها وبتعدُّدٍ دينيّ ومذهبيّ ولغويّ
وعرقيّ. كان ذلك بفضل التّحالفِ السّياسيّ بين بني العبّاس وغيرِ العرب للإطاحة
بالدّولةِ الأمويّة أوّلا وبفضل الفتوحاتِ الإسلاميّةِ الّتي وسّعتِ الرّقعةَ
الجغرافيّةَ والبشريّةَ لهذه الدّولةِ ثانيا. فكانَ التّنوّعُ الحضاريُّ في أجلَى
مظاهره، وكانت الصّراعاتُ على أشُدِّهَا. لذا تُعتبَرُ الخلافةُ العبّاسيّةُ
الفترةَ الزمنيّةَ الأبرزَ منْ حيثُ تطوّرُ الإبداعِ شعرا ونثرا... وتقدُّمُ
العلومِ طِبّا وهندسةً وفَلَكا... وازدهارُ الفنّ الإسلاميّ عِمارةً وزخرفةً...
واستطاعتْ
قصيدةُ (ق2ه) أنْ تواكبَ الكثيرَ من مظاهرِ الحياةِ الجديدة وأنْ تعكسَ جوانبَ
عِدّةً من التّغيير الاجتماعيّ والسّياسيّ والاقتصاديّوالعقائديّ والأخلاقيّ
والفكريّ في مجتمعِها. فسُمّي الشّعرُ "مُـجَدِّدا" أو
"مُـحْدَثا" مُقارنةً له بالنّموذجِ الشّعريّ الجاهليّ. وسُـمِّيَ
الشّعراءُ غيرُ العرب بـ "الـمُوَلَّدِينَ" أو
"الـمُوَلِّدِينَ" لسببيْن على الأقلّ: إمّا لأنّهم نشأُوا في ديارِ
العرب وأتقنُوا الكتابةَ بلغتهم دون أنْ يكونُوا منهم أو لأنّهم وَلَّدُوا في
الكلامِ الشّعريّ أي اسْتحدثُوا فيه ما لم يَكنْ من معانِـي العرب وكلامِها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق