120 ألف منقطع عن الدراسة في تونس
وجد الباحث منير
حسين في ضوء الدراسة المعمّقة التي أجراها حول الانقطاع الإرادي عن الدراسة، أنّ
نسبة التمدرس في الشريحة العمرية من 6 إلى 16 سنة خلال السنة الدراسية 2012-2013
بلغت 93.2 في المئة، ما يؤكد صعوبة تطبيق مبدأ إجبارية التعليم الذي نصّ عليها
القانون التوجيهي لسنة 2002.
ويوضح حسين: «كما
أنّ إعلان وزارة التربية في أيلول (سبتمبر) الماضي عن تطور عدد المنقطعين بنسق
تصاعدي بعد الثورة ليبلغ العام الماضي أكثر من 107 آلاف منقطع في المرحلتين
الإعدادية والثانوية مثّل مادة إعلامية أسالت حبراً كثيراً عبر وسائل الإعلام،
وأفرزت ردود أفعال كثيرة من قبل الناشطين والمهتمّين بالشأن التربوي. لكنها لم
تخرج كالعادة عن إطار توجيه الاتهامات وتبادلها في إطار المشاحنات والمزايدات
السياسية».
وكان الأمين
العام لنقابة التعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي أكد أن عدد المنقطعين عن الدراسة
بصفة إرادية ارتفع إلى 120 ألف حالة في السنة الدراسية الأخيرة، أي بزيادة كبيرة
عن العام السابق.
وتكشف الإحصاءات
أيضاً أن هذه الظاهرة تهمّ خصوصاً الشرائح العمرية بين 13 و17 سنة، إذ يمثّل الذين
في هذه السنّ حوالى 78 في المئة من مجموع المنقطعين عن الدراسة (2011-2012). وتبلغ
النسبة أقصاها في مستوى السنة السابعة في الشريحة العمرية بين 13 و14 سنة. كما أن
هذا الانقطاع أصبح ظاهرة ذكورية بامتياز، حيث يمثّل عدد الذكور المنقطعين ضعف عدد
الإناث.
ويلفت حسين في
سياق تقديمه للظاهرة وأسبابها إلى وجود ثغرة في المنظومة التربوية تهمّ خصوصاً
مســـألة الانتقال من مرحلة تعليمية إلى أخرى. إذ يجد التلاميذ صعوبات كبيرة في
التأقلم مع الظروف الجديدة التي يواجهونها كلّما ارتقوا من مرحلة إلى أخرى، وهو ما
يتجلّى في الســـنة الســـابعة أســـاسي والسنة الأولى من التعليم الثـــانوي. كما
أن إلغاء مناظرات الارتقاء (الامتــــحانات) بين المراحل وجعله آليّاً زاد في
الطين بلّة، باعتبار أنّ نسبة مهمة من التلاميذ أصبحت لا تخضع إلى تقويم موضوعي
عبر امتحانات، بل إلى اعتبارات ذاتية ومادية تتداخل فيها المحسوبية والظروف
المادية للتلميذ وأمور أخرى تخصّ الإطار التربوي.
وفي سياق حديثه
عن الطرق التي تعتمدها الوزارة في معالجة الظاهرة، انتقد حسين غياب الكوادر
المختصصة في علم النفس التربوي وعلم نفس الطفل في المؤسسات التعليمية. كما أشار
إلى أنّ «الكوادر التربوية لم تتلقَّ تأهيلاً في هذا المجال يضمن حسن تدخّلها
لمعالجة الظاهرة، حيث لا تتــجاوز التدخلات الأولية المرة الواحدة، والمتابعة تبقى
خطوة استثنائية».
ولخّص حسين
الإخلالات في أساليب الإدارة تجاه هذه الظاهرة في عدم التكوين في مجال التعامل مع
الانقطاع الدراسي وعدم التنسيق مع مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية، لمتابعة حالات
التلاميذ المعنيين بالتسرّب المدرسي، وعدم وضع آليات وقاية، فضلاً عن عدم تكوين
الإطار التربوي في مجال علم النفس التربوي وعدم إنجاز الدراســات الميدانية التي
تنبع من الواقع المدرسي والاجتماعي لكل منطقة، وعدم التقويم الموضوعي للمنظومة
التربوية ونتائجها المترديّة في التكوين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق