الرئيسية العلم الالهي

العلم الالهي

العلم الالهي
v    تمهيد
العلم في حقيقته هو انكشاف المعلوم لدى العالم ، و هو أمر إضافي ينتزعه العقل من تقابل المُدرِك و المدرَك مع عدم حائل بينهما ، فليس العلم سوى رفع الحجاب الحاجز بين المنكشف و المنكشف لديه ، فإذا لم يكن حجاب بين المُدرك ومُدرَكه ، حصل الإدراك ، الذي هو عبارة عن انتفاش صورته في ذهن المُدرك على أثر هذا التقابل ، سواء أكان عيناً أم معنىً .
فالعلم أمر اعتباري انتزاعي منشؤه ذلك التقابل الخاص .
أما علمه تعالى بالأشياء فهو عبارة عن حضور الأشياء بأسرها لديه تعالى ، و كل شيء هو رهن حضوره في محضر القدس تعالى ، ليس يعزب عنه شيء .
و كانت صفحة الوجود بأسرها هي صفحة اللوح المحفوظ ، المرشحة فيها صور الموجودات ، لا بنقوشها و أشكالها ، بل بذواتها و أعيانها .
و لم يكن هناك حجاب بينه تعالى و بين الأشياء ، و من ثَمَّ كان علمه تعالى حضورياً ، و كانت الاشياء بأسرها رهن حضورها في ساحة قدسه تعالى ، و حتى الزمان لا يصلح حاجزاً في هذا المجال
v    1علمه بالشيء قبل كونه؛ وهو علم التقدير، وما سيقع بقدرة القدير، وهو سر الله في خلقة، فلا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وهو المراد بقولهم: (عالم بما سيكون) وهو المقصود بالمرتبة الأولى من مراتب القدر، وهو علم مفاتح الغيب وتقدير الأمور. كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبِيرٌ  [لقمان: 34.
v     2-علمه بالشيء وهو في اللوح بعد كتابته وقبل إنفاذ مشيئته، وهو قولهم (عالم بما لم يكن لو كان كيف يكون). فالله عز وجل كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم. قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْل أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلكَ عَلى اللهِ يَسِيرٌ، لكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُل مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد: 2.
v     3 -علمه بالشيء حال كونه وتنفيذه، وخلقه وتصنيعه، وهو قولهم: (عالم بما هو كائن) كما قال تعالى: ﴿ اللهُ يَعْلمُ مَا تَحْمِلُ كُل أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُل شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ عَالمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَال [الرعد: 8.
v     4-علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه وإحاطته الشاملة والكاملة بعد تمامه وفنائه، وهو قولهم: (عالم بما كان) فالله عز وجل لما قال: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ  للدلالة على الإحاطة بكل شيء من بدايته إلى نهايته ﴿ إِلا يَعْلمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ، وَهُوَ الذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِالليْل وَيَعْلمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ليُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِليْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الأنعام: 60.

v     فالله عز وجل علم ما كان وما هو كائن وما سيكون، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون، فهذه مراتب علم الله، والمرتبة الأولى من مراتب القدر هي العلم المرتبط بالتقدير والقدرة والخلق والصنعة، فعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه فقدر ذلك تقديراً محكما مبرماً ليس فيه ناقض ولا معقب ولا مزيل ولا مغير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.