حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية
تمهيد عام :
كثرت اللقاءات، وتعددت المؤتمرات حول
وضع المرأة في الشرق والغرب، في العالمين الإسلامي والغربي، لنقاش وتحليل هذا الوضع،
انطلاقا مما أقرته الشريعة الإسلامية أو القوانين الوضعية، أو مما ترسب في الذاكرة
المجتمعية من عادات وتقاليد وأعراف، مقارنة بواقع الحياة اليومية التي تعيشها المرأة.-
هل فعلا تعيش المرأة كما أقرت بذلك الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية العالمية؟ - هل أنصفت الشريعة الإسلامية المرأة؟- ما هي حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية؟
مقدمة:
يصعب أن نجيب عن واحد من هذه الأسئلة
في عصر التحديات، بل أكثر من ذلك، لم تستطع المجتمعات أن تلتزم بتطبيق ما آمنت به من
إقرار لحقوق المرأة في إطار حياة إنسانية متماسكة،
أن تخترق كل الحواجز التي تقف بينها وبين
إقرار حقوقها في المجتمع.وبالرغم من إيمان المجتمع العالمي بحقوق المرأة، بالرغم من
النداءات المتكررة التي تصدر عن المؤتمرات واللقاءات حول تطبيق قرارات بناء المجتمع
المتوازن الذي يخول للمرأة حقوقا، ويلزمها واجبات، فإن دار لقمان ما تزال على حالها،
وما تزال المرأة تعاني من الاضطهاد والظلم والإبعاد.
- وضعية المرأة في الشريعة الإسلامية
سؤال يمكن أن يردده كل إنسان عندما يحاول
الحديث عن المرأة والدفاع عن حقوقها تبعا لواقعها ولظروفها المعيشة.لقد أولى الإسلام
المرأة عناية خاصة، وحررها من عبودية الجهل، وجبروت الأعراف، وظلم التشريعات، باعتبارها
متاعا حينا، وشؤما وعارا حينا آخر، ومن ثم كانت محرومة من حق الحياة كإنسان، له كرامته،
وله حقوقه.جاء الإسلام ليخلص المرأة مما كانت تعانيه، وليرفع عنها ما لحقها من حيف،
ويعيد إليها الاعتبار كإنسان له حقوق وعليه واجبات، منبها إلى تكريم الخالق لها ولشقيقها
الرجل من خلال الآية القرآنية: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ . (الإسراء:70).
- حقوق المرأة في الإسلام:
إن تحرير المرأة من القيود السلطوية الجائرة
أن تعمل جهدها على تطبيق القوانين الشرعية الإسلامية وإلزام الآخرين بها في عصر التحديات،
وعصر القهر والعنف، حيث تعيش المرأة المسلمة في مختلف أرجاء المعمور أوضاعا مزرية،
أوضاعا مهينة، ضاعت فيها حقوقها، وأهينت كرامتها وامتهنت فيها شخصيتها، ومن أهم هذه
الحقوق:
-الحرية: لقد خلص
الإسلام المرأة من الاستعباد، ووفر لها حياة الأمن والأمان، مع تحمل المسؤولية الملقاة
عل عاقتها، وقضى على كل أشكال الرق والعبودية، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات:13)، فالمرأة والرجل إذن سواء
عند الله تعالى، يسيران في خط واحد، ويعملان وفق التشريع السماوي في العبادات والمعاملات،
وينال الجزاء الأوفى من سار في الخط، وتبع النهج، وتمسك بالقانون السماوي. ويتأكد مبدأ
الحرية في الآية: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (الزلزلة:7،8)
1-حق المرأة في التعليم:
إذا كان العلم ظاهرة اجتماعية ملزمة في
عصرنا الحاضر، فقد كان الأمر كذلك في الشريعة الإسلامية التي انطلقت من مبدأ العلم
والتعلم والقراءة، فأول آية قرآنية: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (العلق:1)،
والله تعالى كرم العلماء في أكثر من آية، ودعا إلى العلم والتعلم:" هَلْ يَسْتَوِي
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (الزمر:9)، إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ
مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ? (فاطر:28.(
2-حق المرأة في العمل:
العمل ظاهرة حياتية اجتماعية، عن طريقه
يكتسب الإنسان قوته، ويضع لبنات حياته بتعاون مع أخيه باعتباره كائنا اجتماعيا، وكرامة
الإنسان في الاعتماد على نفسه، بالعمل والبحث عن مصادر العيش الكريم، وقد دعا القرآن
الكريم إلى العمل في كثير من الآيات، من ذلك:" وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ
عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ (التوبة:104)، وكما يعمل الرجل تعمل المرأة،
يقول تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا
اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ (النساء:32)، فعمل المرأة مشروع،
وإسهامها في خدمة المجتمع لا نقاش فيه.
3-حق المرأة في الزواج:
في الحديث النبوي الشريف: "لا تنكح
الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن"، فالزواج ميثاق غليظ يجب أن ينبني على
رضى الطرفين لتستقيم الحياة الزوجية والأسرية، فقد روى أن الخنساء بنت جذام الأنصارية
زوجها أبوها وهي ثيب من غير استئمارها، فكرهت ذلك، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخبرته، فأبطل نكاحها. فللمرأة الحق في اختيار شريك حياتها لضمان الحياة الهنية، مع
ما في الدعوة القرآنية إلى حسن المعاشرة، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (النساء:19).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق