الحضارة
القرطاجية
الحضارة القرطاجية (من الفينيقية قرت-حدشت)
هي حضارة أسسها الفينيقيون، تتمحور حول مدينة-دولة قرطاج، الواقعة في شمال أفريقيا
على خليج تونس، على تخوم تونس العاصمة اليوم. انشئت عام 814 ق.م. كامتداد لصور الفينيقية،
واستقلت في حدود 650 ق.م. وهيمنت على المواطن الفينيقة في المتوسط، شمال أفريقيا وشبه
جزيرة ايبيريا (إسبانيا اليوم) واستمرت حتى القرن الثالث قبل الميلاد حتى سقوطها عبر
سلسلة حروب مع الرومان. لما كانت المدينة في فترة اوجها، كانت مفصل تجاري رئيسي وتأثير
سياسي يمتد على معظم غرب المتوسط.
تاريخ قرطاجة
بداية يمكننا القول بأن دخول قرطاج في التاريخ المكتوب
بدأ مع وصول البحارة والمستوطنين الفينيقيين إلى سواحله. لكن محاولة معرفة تاريخ هذه
الحضارة تكتنفها الكثير من الصعوبات التي يمكن إرجاعها إلى كون المصادر المتوفرة عن
تلك المرحلة التاريخية كلها تقريباً يونانية ولاتينية، وأن الفينيقيون في الغرب بالنسبة
للإغريق والرومان – وبخاصة تحت قيادة قرطاجة – أعداء ألداء، ومن هنا فإن صورتهم في
هذه المصادر سوف تكون مشوهة ومشوبة بالتجني والتحامل عليهم، مما يقلل من القيمة المعرفية
لهذه المصادر حول الحضارة القرطاجية.
والصعوبة الأخرى، تتمثل في أن الزمن لم يبقِ لنا
مؤلفات قرطاجية، وأن علم الآثار لن يفيدنا كثيراً لأنه في معظم الحالات قد أقيمت فوق
المستوطنات الفينيقية مدن رومانية ضخمة، ومع ذلك هناك عدد كبير من النقوش المدونة بمختلف
صور اللغة الفينيقية غير أنها في الغالب نقوش مقبرية ولا تحكي لنا عن تلك الحقبة إلا
القليل.
المستوطنات الفينيقية
تشير المصادر التاريخية المتوفرة عن العالم القديم
إلى أن "صور" هي المدينة الفينيقية التي انطلقت منها حملات الفينيقيين إلى
العرب، والتي أدت إلى إقامة العديد من المستوطنات. وتنص التوراة والمصادر الأخرى صراحة
على تفوق "صور" على المدن الفينيقية في الشرق الأدنى في القرن الثالث عشر،
وكانت "صور" والمدن الأخرى مثل صيدا، وبيبلوس منذ حوالي سنة 1000 ق.م، من
أنشط المدن التجارية في شرق البحر الإيجي والشرق الأدنى، وإن تأثرت قليلاً بنمو الإمبراطورية
الآشورية.[2] ولقد كان البحث عن موارد معدنية - وبصفة خاصة – الذهب والفضة والنحاس
والقصدير هو الذي حمل التجار الفينيقيين إلى غرب البحر المتوسط، وقد انطلقت أعداد من
المهاجرين الفينيقيين إلى صقلية والجزر المجاورة وإفريقيا وسردينيا وأسبانيا ذاتها.
ومن المتعارف عليه أن أول مستعمرة فينيقية في الغرب كانت في موقع قادس (كاديز) الحالية
وقد أخذ الاسم من الكلمة الفينيقية "جادير Gadir" وتعني القلعة
وربما يوضح هذا أصلها كمركز تجاري.
وكان الطريق البحري الطويل إلى الأسواق
الجديدة في إسبانيا بحاجة إلى الحماية نظراً لظروف الملاحة في العصور القديمة إذ كان
المتبع – بصفة عامة – أن تحاذي السفن الساحل وتلقي مراسيها أو تسحب في الليل إلى الشاطئ.
وقد استخدم الفينيقيون طريقين: طريقاً شمالياً، بمحاذاة الشواطئ الجنوبية لصقلية وسردينيا
وجزر البليار. وطريقاً جنوبياً، بمحاذاة ساحل شمال إفريقيا.
تأسيس قرطاجة
تشير المراجع التاريخية إلى أن اسم قرطاجة (Carthage) وباللاتينية
(Corthago) هي صورة (محرفة) من الاسم الفينيقي
"قرت حدتش" الذي يعني "المدينة الجديدة" ويدل هذا ضمناً على أن
المكان قدر له منذ البداية أن يكون المستوطنة الرئيسية للفينيقيين في الغرب، وإن كنا
لا نعرف عن آثارها في أقدم فترات تاريخها سوى قدر ضئيل لا يسمح بالتأكد من هذا الأمر.
والتاريخ المتعارف عليه لتأسيسها هو 814 ق.م.
ويشير الترابط العام للشواهد الأثرية أنه بينما
كانت الرحلات الفردية تتم في فترة مبكرة فإن المستوطنات الدائمة على ساحل المغرب لم
تتم قبل سنة 800 ق.م. وأنه لم المؤكد إنه على عكس المستوطنات التي أقامها الإغريق في
صقلية وإيطاليا وغيرها في القرنين الثامن والسابع.
بداية لا بد من
الإشارة إلى أن الصراعات في الغرب قد انحصرت في حصار ضيق بالمقارنة بالتغييرات
الثورية في الشرق خلال الفترة نفسها، ولكن قرطاجة لم تلبث أن تورطت في صراع له
أهميته البالغة بالنسبة للتاريخ العالمي وهو الصراع مع روما وقد عقدت معاهدات بين
الجانبين منذ وقت مبكر في سنة 508 ق.م. عندما كانت روما مجرد مدينة من مدن إيطاليا
المتوسطة الحجم، ويمكن الإشارة إلى عدد من الحروب التي خاضتها قرطاجة، والتي يمكن
إيجازها فيما يلي:
·
حروب بيبروس الأبيري
·
حرب الأجراء
·
احتلال أسبانيا
·
حرب ماسينيسا
تدمير قرطاجة
رغم كل ما أبداه ماسينيسا من تواطؤ مع روما، وخضوع وعون لها. رغبة منه في إعطائه
حكم قرطاجة من قبل الرومان، إلا أن ذلك لم يحل دون حرب الرومان لقرطاجة ورغم
التفوق الساحق لروما فإن قرطاجة صمدت حتى سنة 146 ق.م، واستاء ماسينيسا عندما حرم
من أمله في حكمها، لكنه أذعن وانضمت معظم المستوطنات الفينيقية والقرطاجية القديمة
إلى روما وتجنبت بذلك التدمير المحتم وسويت قرطاجة بالأرض ولعن مكانها في احتفالاً
طبقاً لتقليد روماني، وهو عمل رمزي يدل على مدى الخوف والحقد الذين اختزلتها روما
زهاء قرن للدولة التي قاومت بضرواة سياتها على عالم البحر المتوسط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق