برق الليل
Iالتقديم المادي
المؤلف
الرّئيسي
المؤلفون
الثناويون
الناشر
رقم الطبعة ر.د.م.ك
91-703-9973 الأولى تاريخ الطبع2010
السلسلة
- -
الثمن
4.80 د.ت
الصنف : إبداع
الجنس :رواية
اللغة : العربية
عدد
الصفحات144 :
الأجزاء1 :
الغلاف
المقاسات
(طول * عرض) 23
* 23
IIالتقديم المعنويه
تعريف الرواية
أولا:
«برق الليل» رواية تاريخية يقف القارئ أمام ما تحمله عوالمها من خصوصية تحديد
جغرافيتها (تونس) في إطار تمدد فضاءاتها، وتعمقها في النسيج المحلي على كل
المستويات. وقد تجلت قدرة المؤلف في رصد سيكولوجية شخوصها بحيث وضع يده على العمق
الذي يسمو بالخاص الى العالمية.
لقد رصد جوانية أبطاله وكان رقيبا من النفس الإنسانية بفجورها وتقواها.
ثانيا: تتصدى الرواية الى تسليط كشافاتها لإضاءة مرحلة من تاريخ تونس (الأسرة الحفصية) بتخطيط واع من المؤلف لكتابة تاريخ من أسقط تاريخهم وذابوا في الهامش وانمحت بصماتهم من المتن.
ثالثا: لق ركز البشير على إعادة دولاب التاريخ ولكنه لم يقبل بما هو موجود من تاريخ الصفوة بل نازعته نفسيته للولوج الى أخبار من غبروا، من خلال ما يراه خياله، فهو يبحث في حفرياته التاريخية للوصول الى اكتشافات جديدة، ولكنه ينحت للوصول الى ما يريده هو، أي لتوظيف سرده الى ما يود طرحه.
رابعا: هذا العمل الإبداعي منذ بدايته الى آخر نفس، يجب فيه أنموذج الحرية بداخله بقية النماذج التي ذهبت اليها مساربه.. «فبرق الليل» يبحث عن حريته، وريم أيضا، وشعشوع، الى أن نصل الى تونس الخضراء نفسها والتي ستغدو في الرواية شخصية حية (مجتمع) يريد التخلص من الظلم، والركون الى ظل واقعه الإسلامي.
خامسا: الرواية ذات جذور وطنية يعايشها المتلقي مشتعلة في العديد من الأمكنة والأزمنة معا فهي تصرخ من نجدة الحاكم بالأجنبي! حرصا على مصالح خاصة (الكرسي) دون النظر الى اعتبار اجتماعي.
سادسا: يبدو خطاب المؤلف واضحا في رفضه التواصل مع العدو الحقيقي (الصليبي) (ص 53) ـ برق الليل ـ وهذا ما يذكرنا بالشاعر المعتمد بن عباد عندما فضل أن يرعى إبل العرب على أن يكون راعي لخنازير النصارى. ويشير المؤلف الى أن قوة الأمة في وحدتها.. وهذه النفسية هي التي غلبت على الشارع ودفعت طلائع الاستقلال الى أن يختاروا البيرق التونسي متماسا مع فضاء علم الخلافة الإسلامية. وهذا التوجه للمؤلف يرجع الى ثقافته ومجالات نتحها والأمثلة كثيرة فهو يستفيد من توظيف الجمل القرآنية (أجزاء من الآيات) وأيضا تشبيه بعض المواقف (الصفحات التالية 32 ـ 53 ـ 66 ـ 76 ـ 151) إنها تبدو من داخل النص نفسه، داخل نسيجه بشكل طبيعي.
سابعا: قماشة رواية «برق الليل» تمثل فسيفساء غنية وعجيبة، تذهب الى التاريخ تعامله بانتقائية دون مساس يخل بالنص وتقدم لنا نفسية مبدعها واختياراته وتوظيفه الى الحكايات التي طرزت الطفولة من قبل الجدات، والمخيال الشعبي، وعرجت على ألف ليلة وليلة.
ثامنا: لقد ركز المؤلف على الانتقاء فعندما غادر خير الدين تونس مهزوما لم يقدمه بهذا الشكل، ولكنه قفز على سنوات من عمر الزمن ليعيده في زمان انتصاره، ويقدمه بأنه لم يهزم بعدها إطلاقا وهذا ما يمثل تعاطف الروائي مع أبطاله فهو غير حيادي.
تاسعا: إن نص البشير خريف ليس عفويا بل منذور لخدمة قضايا وطنية وقومية واجتماعية ويهدف مؤلفه الى تحقيق اعتزاز المواطن بتاريخه والاستفادة منه والاتكاء على إيجابياته، كما أنه ينبه الى خطورة مفاهيم الآخر ونظرته الاستعمارية وعداوته لتاريخنا (التوجه الصليبي)
ويشير فيه الى خطورة الاستعانة بالأجنبي وما جرّ على عالمنا (وهذا ما يعيد نفسه في زمان الناس هذا). العراق/ وفي الزمن الغابر سيف بن ذي يزن كما ينبه الى ما تجره الخيانة والتطاحن والحسد. (ويغذي النزعة الوطنية التي ترددت أصداؤها في أرجاء تونس زمن تأليف الرواية الى 1960 (ص7) من تقديم (فوزي الزمرلي)
تلخيص للرواية
لقد رصد جوانية أبطاله وكان رقيبا من النفس الإنسانية بفجورها وتقواها.
ثانيا: تتصدى الرواية الى تسليط كشافاتها لإضاءة مرحلة من تاريخ تونس (الأسرة الحفصية) بتخطيط واع من المؤلف لكتابة تاريخ من أسقط تاريخهم وذابوا في الهامش وانمحت بصماتهم من المتن.
ثالثا: لق ركز البشير على إعادة دولاب التاريخ ولكنه لم يقبل بما هو موجود من تاريخ الصفوة بل نازعته نفسيته للولوج الى أخبار من غبروا، من خلال ما يراه خياله، فهو يبحث في حفرياته التاريخية للوصول الى اكتشافات جديدة، ولكنه ينحت للوصول الى ما يريده هو، أي لتوظيف سرده الى ما يود طرحه.
رابعا: هذا العمل الإبداعي منذ بدايته الى آخر نفس، يجب فيه أنموذج الحرية بداخله بقية النماذج التي ذهبت اليها مساربه.. «فبرق الليل» يبحث عن حريته، وريم أيضا، وشعشوع، الى أن نصل الى تونس الخضراء نفسها والتي ستغدو في الرواية شخصية حية (مجتمع) يريد التخلص من الظلم، والركون الى ظل واقعه الإسلامي.
خامسا: الرواية ذات جذور وطنية يعايشها المتلقي مشتعلة في العديد من الأمكنة والأزمنة معا فهي تصرخ من نجدة الحاكم بالأجنبي! حرصا على مصالح خاصة (الكرسي) دون النظر الى اعتبار اجتماعي.
سادسا: يبدو خطاب المؤلف واضحا في رفضه التواصل مع العدو الحقيقي (الصليبي) (ص 53) ـ برق الليل ـ وهذا ما يذكرنا بالشاعر المعتمد بن عباد عندما فضل أن يرعى إبل العرب على أن يكون راعي لخنازير النصارى. ويشير المؤلف الى أن قوة الأمة في وحدتها.. وهذه النفسية هي التي غلبت على الشارع ودفعت طلائع الاستقلال الى أن يختاروا البيرق التونسي متماسا مع فضاء علم الخلافة الإسلامية. وهذا التوجه للمؤلف يرجع الى ثقافته ومجالات نتحها والأمثلة كثيرة فهو يستفيد من توظيف الجمل القرآنية (أجزاء من الآيات) وأيضا تشبيه بعض المواقف (الصفحات التالية 32 ـ 53 ـ 66 ـ 76 ـ 151) إنها تبدو من داخل النص نفسه، داخل نسيجه بشكل طبيعي.
سابعا: قماشة رواية «برق الليل» تمثل فسيفساء غنية وعجيبة، تذهب الى التاريخ تعامله بانتقائية دون مساس يخل بالنص وتقدم لنا نفسية مبدعها واختياراته وتوظيفه الى الحكايات التي طرزت الطفولة من قبل الجدات، والمخيال الشعبي، وعرجت على ألف ليلة وليلة.
ثامنا: لقد ركز المؤلف على الانتقاء فعندما غادر خير الدين تونس مهزوما لم يقدمه بهذا الشكل، ولكنه قفز على سنوات من عمر الزمن ليعيده في زمان انتصاره، ويقدمه بأنه لم يهزم بعدها إطلاقا وهذا ما يمثل تعاطف الروائي مع أبطاله فهو غير حيادي.
تاسعا: إن نص البشير خريف ليس عفويا بل منذور لخدمة قضايا وطنية وقومية واجتماعية ويهدف مؤلفه الى تحقيق اعتزاز المواطن بتاريخه والاستفادة منه والاتكاء على إيجابياته، كما أنه ينبه الى خطورة مفاهيم الآخر ونظرته الاستعمارية وعداوته لتاريخنا (التوجه الصليبي)
ويشير فيه الى خطورة الاستعانة بالأجنبي وما جرّ على عالمنا (وهذا ما يعيد نفسه في زمان الناس هذا). العراق/ وفي الزمن الغابر سيف بن ذي يزن كما ينبه الى ما تجره الخيانة والتطاحن والحسد. (ويغذي النزعة الوطنية التي ترددت أصداؤها في أرجاء تونس زمن تأليف الرواية الى 1960 (ص7) من تقديم (فوزي الزمرلي)
تلخيص للرواية
زمان
الرواية أواخر القرن العاشر. المكان تونس، وتنتقل الذاكرة الى افريقيا، وأماكن
أخرى. أما في إطار تونس فإن الأمكنة هي ما يعطي للعمل النكهة المحلية والمحيط
الجغرافي، وتبرز في طريق البطل الأبواب التي كانت تحيط بالمدينة القديمة والأحياء
(باب سعدون، وباب البنات، وباب غدر المواجه للملاسين، وباب سويقة وباب البحر) الى
جانب حومة العلوج، أي حي الأجانب، وسوق الطويلة وحلق الواد والبلفيدير، وساقية
العناب، ونوايل سيدي سفيان والحفصية، وزغوان، ورياض السعود، وسيدي بلحسن الشاذلي
عند البحيرة. ويلفت النظر أن الرواية تبدأ بالمباشرة وهي تقدم الشخصيات بانحياز
كامل لها من البداية وتتجه الى التعاطف معها: ـ
(هذه قصة البطل التونسي «برق الليل» الذي عاش أحداثا تاريخية خطيرة.
وفي السطور الاولى يقدم المؤلف الكثير من المعلومات في شكل متسارع وكأنه يود أن يخلص من كل موضوع نصه السردي.
ـ هروب السلطان الحسن الحفصي عندما علم بقدوم (الباشا خير الدين باربروسه) الى تونس، واستنجاده بالعدو، وما ترتب عن هذا التوجه من حضور الإسبان الى تونس (ص117) وما عاناه المواطن من ظلم يكمل إهمال الحكام الحفصيين (وانشغالهم بتثبيت ملكهم على حساب الاهتمام بمصالح المواطن) النموذج العجوز التي خذلها السلطان الحسن، فذهبت تستنجد بالولي سيدي محرز وأشعلت له شمعة (ص52) أيضا ما نقله البعض من أن السلطان العثماني حضر له أحد الأولياء في منامه طالبا منه نجدة بلده تونس، وهكذا تتجه الذاكرة الشعبية لكرامات الأولياء عندما يتم تغييب الحلول.
أما على المستوى الخاص بالبطل التونسي فقد هرب هو الآخر من عقاب سيده، (ص 37) وهرب أيضا من السيدة التي اشترته فيما هربت (ريم) التي عشقت فنونه من زوجها عندما لم يقتنع بأسبابها وطلوعها سطح الدار (ص 37) والذي طلقها فاتجهت الى بيت والدها، فيما اتجه «برق» الى الشارع، وكان الهروب نصيبه وقدره عندما كان المطلوب منه أن يطلق التي عقد له عليها بعد ليلة غير كاملة، وهكذا كان الفرار في آخر الرواية من نصيب «برق» خوفا من الوقوع في الخيانة.. وكان فرار الإسبان عندما عاد الباشا خير الدين باربروسه بعد سنوات. ولا ننسى هروب السلطان الحفصي (ص33) وهروب الباشا عندما لم يقدر الأمور.
ويعرج المؤلف الى تصوير نفسية الناس (بين الهارب والقادم) وفي داخل البناء الروائي. يتعرف «برق» على «شعشوع» التونسي الكراكجي والذي نفي نتيجة خطفه امرأة نشزت عن زوجها.. ينتقل شعشوع الى كراكجية خير الدين (فحيث الأذان وطنه) المهم الإسلام، يصل شعشوع بعد عودته الى تونس الى دار جواد حيث التي خطفها، فتظهر له الحسناء متلهفة متواعدة أن تلتقي معه بالمعرض (سوق العبيد والجواري).
يصل الى فندق بالتباين، حيث سبقه برق بعد أن رفض شعشوع خدماته وإذا ما كان برق يختار الساحة التي تضم الحيوانات فإن شعشوع طلب غرفة وطعاما أحضره بابا سعفان وصبيانه، اقترب برق من شعشوع، ثم شاركه طعامه.
في زاوية أخرى،انقسمت المدينة بين مستسلمين للأتراك ومقاومين بقيادة الشيخ نغوش، وفي إطار استغلال الشغب هجم صاحب الفندق مع البعض على نزيله شعشوع الذي سانده برق الليل ولكن الكثرة تغلب الشجاعة. فيتم رميهما بعيدا، ويعرض برق خدماته على شعشوع أن يبيعه ويستفيد من ثمنه وعندما يهرب يرجع اليه (ص50) (قصة أبو زيد الهلالي في طرابلس الغرب عندما بيع كعبد ليفلح الأرض).. ويدفع به شعشوع الى بيت الدلال الذي يستضيفهم الى الصباح ويطلب من جواريه أن يعد من لهم العشاء.
ويتحدث الدلال عن سيدي بن عروس الذي غضب على أهل تونس فهم بالقاء المدينة في البحر لولا أن اعترض سيدي محرز، (لم يكن شعشوع ولا الدلال يعتقدان في هذه الحكاية)، كانت الجواري منشغلات بالحديث عن اختطافهن ومغامراتهن.. وعند الفجر تم بيع برق الى سيدة عجوز.
الغريب كانت بين الجواري تلك الحسناء العاشقة لشعشوع في وضع متنكر بعد أن صبغت نفسها كالزنوج، لقد مات زوجها وعاشت أرملة ثرية وظلت تبحث عن الذي اختطفها وتتحايل بكل الطرق وقدمت نفسها جارية للدلال ليبيعها الى شعشوع الذي وعدته باللقاء في المعرض ويجوزلخيال المؤلف ما لا يجوز لغيره.
يتحدث الروائي عن كريزما باربروسه وقوة شخصيته وأنه عندما شاهد الشيخ مغوش والذين من حوله وهم يتحدونه، طلب من القائد علي الأقرع أن يخرج اليهم وأن لا يستعمل البارود، وطلب من شعشوع أن يلحق به.
بداية لم يعرف برق الى أي فريق ينتمي (الأتراك أم التوانسة).. عندما استعمل القائد الانكشاري المكاحل بالبارود وقف شعشوع التونسي في وجهه ولم ينحز برق الليل الى الحرب فهي سيئة حسب انطباعاته وتعبيره.
ونعرف أن الدور الذي أعطاه المؤلف له بالنسبة لمشاركته في الحرب طواحين الهواء مبالغ فيه فالبشر خريف حاول أن يوظف شخصية (دون كيشوت) في روايته «بلارة». فقد كان من الخلايا النائمة في سفره الذي اتسعت فيه الرؤيا، فعجزت العبارة على رأي النفري.
ورغم انتصار المواطنين بفكرة الاستفادة من الماء التي عرضها شعشوع وترحيب الشيخ مغوش به، إلا أنه طلب منهم أن يحاربوا باربروسة وتحدث عنه باحترام وإجلال وذهب الى لقائه فتم سجنه حتى لا يصل خطابه.. ونقفز الى زمان آخر صبغ فيه برق وجهه بالكبريت وأخاف المريض وأمه التي اعتقدت أنه جنّ.. وهرب من سيدته الى بيت الدلال ومنه الى القصبة على أمل أن يراه شعشوع. وهناك سألته عجوز بعد أن أطالت فيه النظر: هل يرغب في النقود؟ فرحب بذلك وكانت حاجتها أن يشتغل محللا بين زوجين تم الطلاق بينهما ثلاث مرات، هذا الأمر الذي يراه الناس بصورة قدحية وهي أن يشتغل الشخص تياسا، وقد وافق وذهب معها. ويتم تزويجه على وعد أن يطلق مع الصباح ويأخذ مكافأته وعندما دخل على العروسة وجدها (ريم) المرأة التي فتنته في بداياته والتي كانت تطل عليه من سقف مخبر سيده.
لا يحدثنا المؤلف عن ليلة الدخلة بشكل مباشر وهذا ما يجعل المتلقي يستنتج ما حدث من إصرار برق على عدم التطليق. لقد غمزالاستاذ فوزي الزمرلي لهذا الأمر في مقدمته الرائعة والتي شملت الكثير من جوانب الرواية.
(هذه قصة البطل التونسي «برق الليل» الذي عاش أحداثا تاريخية خطيرة.
وفي السطور الاولى يقدم المؤلف الكثير من المعلومات في شكل متسارع وكأنه يود أن يخلص من كل موضوع نصه السردي.
ـ هروب السلطان الحسن الحفصي عندما علم بقدوم (الباشا خير الدين باربروسه) الى تونس، واستنجاده بالعدو، وما ترتب عن هذا التوجه من حضور الإسبان الى تونس (ص117) وما عاناه المواطن من ظلم يكمل إهمال الحكام الحفصيين (وانشغالهم بتثبيت ملكهم على حساب الاهتمام بمصالح المواطن) النموذج العجوز التي خذلها السلطان الحسن، فذهبت تستنجد بالولي سيدي محرز وأشعلت له شمعة (ص52) أيضا ما نقله البعض من أن السلطان العثماني حضر له أحد الأولياء في منامه طالبا منه نجدة بلده تونس، وهكذا تتجه الذاكرة الشعبية لكرامات الأولياء عندما يتم تغييب الحلول.
أما على المستوى الخاص بالبطل التونسي فقد هرب هو الآخر من عقاب سيده، (ص 37) وهرب أيضا من السيدة التي اشترته فيما هربت (ريم) التي عشقت فنونه من زوجها عندما لم يقتنع بأسبابها وطلوعها سطح الدار (ص 37) والذي طلقها فاتجهت الى بيت والدها، فيما اتجه «برق» الى الشارع، وكان الهروب نصيبه وقدره عندما كان المطلوب منه أن يطلق التي عقد له عليها بعد ليلة غير كاملة، وهكذا كان الفرار في آخر الرواية من نصيب «برق» خوفا من الوقوع في الخيانة.. وكان فرار الإسبان عندما عاد الباشا خير الدين باربروسه بعد سنوات. ولا ننسى هروب السلطان الحفصي (ص33) وهروب الباشا عندما لم يقدر الأمور.
ويعرج المؤلف الى تصوير نفسية الناس (بين الهارب والقادم) وفي داخل البناء الروائي. يتعرف «برق» على «شعشوع» التونسي الكراكجي والذي نفي نتيجة خطفه امرأة نشزت عن زوجها.. ينتقل شعشوع الى كراكجية خير الدين (فحيث الأذان وطنه) المهم الإسلام، يصل شعشوع بعد عودته الى تونس الى دار جواد حيث التي خطفها، فتظهر له الحسناء متلهفة متواعدة أن تلتقي معه بالمعرض (سوق العبيد والجواري).
يصل الى فندق بالتباين، حيث سبقه برق بعد أن رفض شعشوع خدماته وإذا ما كان برق يختار الساحة التي تضم الحيوانات فإن شعشوع طلب غرفة وطعاما أحضره بابا سعفان وصبيانه، اقترب برق من شعشوع، ثم شاركه طعامه.
في زاوية أخرى،انقسمت المدينة بين مستسلمين للأتراك ومقاومين بقيادة الشيخ نغوش، وفي إطار استغلال الشغب هجم صاحب الفندق مع البعض على نزيله شعشوع الذي سانده برق الليل ولكن الكثرة تغلب الشجاعة. فيتم رميهما بعيدا، ويعرض برق خدماته على شعشوع أن يبيعه ويستفيد من ثمنه وعندما يهرب يرجع اليه (ص50) (قصة أبو زيد الهلالي في طرابلس الغرب عندما بيع كعبد ليفلح الأرض).. ويدفع به شعشوع الى بيت الدلال الذي يستضيفهم الى الصباح ويطلب من جواريه أن يعد من لهم العشاء.
ويتحدث الدلال عن سيدي بن عروس الذي غضب على أهل تونس فهم بالقاء المدينة في البحر لولا أن اعترض سيدي محرز، (لم يكن شعشوع ولا الدلال يعتقدان في هذه الحكاية)، كانت الجواري منشغلات بالحديث عن اختطافهن ومغامراتهن.. وعند الفجر تم بيع برق الى سيدة عجوز.
الغريب كانت بين الجواري تلك الحسناء العاشقة لشعشوع في وضع متنكر بعد أن صبغت نفسها كالزنوج، لقد مات زوجها وعاشت أرملة ثرية وظلت تبحث عن الذي اختطفها وتتحايل بكل الطرق وقدمت نفسها جارية للدلال ليبيعها الى شعشوع الذي وعدته باللقاء في المعرض ويجوزلخيال المؤلف ما لا يجوز لغيره.
يتحدث الروائي عن كريزما باربروسه وقوة شخصيته وأنه عندما شاهد الشيخ مغوش والذين من حوله وهم يتحدونه، طلب من القائد علي الأقرع أن يخرج اليهم وأن لا يستعمل البارود، وطلب من شعشوع أن يلحق به.
بداية لم يعرف برق الى أي فريق ينتمي (الأتراك أم التوانسة).. عندما استعمل القائد الانكشاري المكاحل بالبارود وقف شعشوع التونسي في وجهه ولم ينحز برق الليل الى الحرب فهي سيئة حسب انطباعاته وتعبيره.
ونعرف أن الدور الذي أعطاه المؤلف له بالنسبة لمشاركته في الحرب طواحين الهواء مبالغ فيه فالبشر خريف حاول أن يوظف شخصية (دون كيشوت) في روايته «بلارة». فقد كان من الخلايا النائمة في سفره الذي اتسعت فيه الرؤيا، فعجزت العبارة على رأي النفري.
ورغم انتصار المواطنين بفكرة الاستفادة من الماء التي عرضها شعشوع وترحيب الشيخ مغوش به، إلا أنه طلب منهم أن يحاربوا باربروسة وتحدث عنه باحترام وإجلال وذهب الى لقائه فتم سجنه حتى لا يصل خطابه.. ونقفز الى زمان آخر صبغ فيه برق وجهه بالكبريت وأخاف المريض وأمه التي اعتقدت أنه جنّ.. وهرب من سيدته الى بيت الدلال ومنه الى القصبة على أمل أن يراه شعشوع. وهناك سألته عجوز بعد أن أطالت فيه النظر: هل يرغب في النقود؟ فرحب بذلك وكانت حاجتها أن يشتغل محللا بين زوجين تم الطلاق بينهما ثلاث مرات، هذا الأمر الذي يراه الناس بصورة قدحية وهي أن يشتغل الشخص تياسا، وقد وافق وذهب معها. ويتم تزويجه على وعد أن يطلق مع الصباح ويأخذ مكافأته وعندما دخل على العروسة وجدها (ريم) المرأة التي فتنته في بداياته والتي كانت تطل عليه من سقف مخبر سيده.
لا يحدثنا المؤلف عن ليلة الدخلة بشكل مباشر وهذا ما يجعل المتلقي يستنتج ما حدث من إصرار برق على عدم التطليق. لقد غمزالاستاذ فوزي الزمرلي لهذا الأمر في مقدمته الرائعة والتي شملت الكثير من جوانب الرواية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق