الرئيسية اغتراب الذات

اغتراب الذات

اغتراب الذات
اغتراب الذات

 تمهيد :

يشير أريك فروم في كتابه خوف الحرية إلى مخاطر فقدان الذات وإحلال ذات أخرى مكانها، يقول : "إن فقدان الذات وإحلال ذات مكانها يدفع الفرد إلى حالة من انعدام الاطمئنان، فالشك يلاحقه ، إذ أنه أساساَ مرآة لتوقعات الآخرين منه بينما هو فقد هويته إلى حد كبير ، وفي سبيل تجاوز الهلع الناتج عن خسارة الهوية هذه نراه مضطراَ للبحث عن هوية ما من خلال قبول واعتراف مستمرين به من قبل الآخرين."
الثقافة في مفهومها العام حصيلة انتاج شعب او امة، انها المخيلة الجماعية للافراد، انها حصن التمييز عن الاخر. وتبقى الثقافة احد العوامل التي تحفظ لجماعة او امة ما انسجامها وتماسكها من الانحلال والتفتت، فليست هناك ثقافة متخلفة واخرى متقدمة بل هناك اختلاف ثقافي، ولكل ثقافة خصوصياتها ونقط قوة تنفرد بها عن الاخرى.
                        I.            تعريف اغتراب الذات

استخدم هيغل مصطلح الاغتراب بمعنيين :
·        الاول المفهوم اللاهوتي ويعني انفصال الذات عن الجوهر الاجتماعي ، اي اغتراب الروح عن ذاته، روح الانسان عن الجوهر الاجتماعي ،
·        والثاني( الفلسفي ) ويعني به هيغل تنازل الفرد عن استقلاله الذاتي، وتوحده مع الجوهر الاجتماعي وانتهاء مرحلة اغترابه عنه، اي ان هيغل يرى ان الانسان مغترب بالضرورة اما عن ذاته او عن مجتمعه، فهو يسير في نموه من الاغتراب الاجتماعي الى الاغتراب الذاتي . يرى فروم ان الاغتراب نوع من الخبرة التي فيها يرى الشخص كغريب عن ذاته ، فيشعر انه لا يمكنه التحكم في افعاله بل تسوقه افعاله وينساق ورائها مما يجعله بعيد الاتصال عن ذاته وبعيد الاتصال باي فرد اخر
·        الاغتراب الذاتي
هو انتقال الصراع بين الذات والموضوع(الاخر) من المسرح الخارجي الى النفس الانسانية ، هو اضطراب في العلاقة التي تهدف الى التوفيق بين مطالب الفرد وحاجاته ورغباته من ناحية وبين الواقع وابعاده من ناحية اخرى ، وهو نوع الخبرة التي يجد فيها المرء نفسه كغريب فالشخص المغترب هو شخص فقد اتصاله بنفسه وبالاخرين، وهي خبرة تنشأ نتيجة للمواقف التي يعيشها الفرد مع نفسه ومع الاخرين ولا تتصف بالتواصل والرضى،ومن ثم يصاحبها الكثير من الاعراض التي تتمثل في العزلة والانعزال والتمرد والرفض والانسحاب والخضوع ، اي ان الاغتراب عن الذات هو شعور الفرد بان ذاته ليست واقعية، او تحويل طاقات الفرد وشعوره بعيداً عن ذاته الواقعية.
  
1.     صفات الشخص المغترب :
  1. §        1 - الشعور بالانفصال النسبي عن الذات أو عن المجتمع أو عن كليهما .
  2. 2ا  لشعور بالعجز .
  3. 3 -   الشعور بحالة من الرفض وعدم الرضا التي قد يعيشها الفرد في علاقته بمجتمعه.
  4. 4 -  ضعف شديد في الثقة بالنفس.
  5. 5 -  الشعور بعدم جدوى الحياة ومعناها .
  6. 6 - الشعور بالعزلة وعدم الانتماء والسخط والقلق والعدوانية .
  7. 7 - الشعور باغتراب الذات عن هويتها وعن الواقع .
  8.   - الشعور برفض القيم والمعايير الاجتماعية 

IIأسباب ومصادر الاغتراب :
1-
أسباب نفسية :
الصراع : يحدث الصراع بين الدوافع والرغبات المتعارضة , وبين الحاجات التي لا يمكن إشباعها في وقت واحد مما يؤدي إلي التوتر الانفعالي والقلق وإضراب الشخصية
الإحباط : حيث تعاق الرغبات الأساسية أو الحوافز أو المصالح الخاصة بالفرد , ويرتبط الإحباط بالشعور بالفشل والعجز التام , بالشعور بالقهر وتحقير الذات .
الحرمان : حيث تقل الفرصة لتحقيق دوافع أو إشباع الحاجات كما في حالة الحرمان من الرعاية الوالديه والاجتماعية .
الخبرات الصادمة : هذه الخبرات تحرك العوامل الأخرى المسببة للاغتراب مثل الأزمات الاقتصادية والحروب .
2- أسباب اجتماعية :
ضغوط البيئة الاجتماعية والفشل في موجهة هذه الضغوط .
الثقافة المريضة التي فيها عوامل الهدم والتعقيد .
التطور الحضاري السريع وعدم توافر القدرة النفسية على التوافق معه .
اضطراب التنشئة الاجتماعية حيث تسود الاضطرابات في الأسرة والمدرسة والمجتمع .
مشكلة الأقليات والتفاعل الاجتماعي .
تدهور نظام القيم وتصارعها بين الأجيال .
البعد عن الدين .
اغتراب الذات

IIIمظاهر الاغتراب النفسي :
أورد علماء النفس وعلماء الاجتماع أمثال نتلر , وفروم وسكنر , عدداً من المظاهر لاغتراب من خلال ما قدموه من دراسات وبحوث في هذا المجال , وفيما يلي عرض لأهم مظاهر الاغتراب التي شكلت عوامل مشتركة للعديد من الأبحاث والدراسات .
1- فقدان القوة :
يتمثل في شعور الفرد بأنه لا يستطيع التأثير في المواقف الاجتماعية التي يتفاعل معها , وفقدان الشعور بأهميتها , وأن الفرد لا يستطيع توقع ما سيحدث له مستقلاً , ولا يجد تفسيراً مقنعاً لما يحدث من تغيرات في حاضره , أنه الحالة التي لا يتلاءم فيها مفهوم الفرد للتوقعات في التأثير بالأحداث الاجتماعية والسياسية , بمعني أن للفرد محدوداً بأنه يستطيع من خلال سلوكه أن يحقق أي مكافأة شخصية يبحث عنها .
2- اللامعني :
الاغتراب هو اللامعني , وهكذا فإن الاغتراب يظهر عند الفرد الذي لا يكون لديه وضوح فيما يعتقد , وكذالك عدم توفر المستويات الدنيا من الوضوح في اتخاذ القرار , فالشخص المغترب يتسم بالتوقع المنخفض لإمكانية القيام بأي نشاطات وسلوكات , وذالك نتيجة للنتائج السابقة للسلوك , وكذالك الفرد بعدم وضوح الأهداف الاجتماعية , وقناعته بأن ما يسعي إليه المجتمع في الوقت الحاضر من أهداف تتعارض مع القيم الإنسانية وتعاليم الدين , وعليه يصبح الفرد يفتقر إلي مرشد أو موجه لسلوكه , ويتعمق الإحساس لديه بالفراغ الهائل نتيجة لعدم توفر أهداف أساسية تعطي معني لحياته وتستثمر قدراته .
3- اللامعيارية :
هي تلك المرحلة التي يصبح فيها الفرد مفتقراً إلي المعايير الاجتماعية المطلوبة لضبط سلوك الأفراد , وان معايير المجتمع التي كانت تحظي بالاحترام لم تعد تستأثر بذالك الاحترام الأمر الذي يفقدها سيطرتها على السلوك , وعليه فان اللامعيارية تمثل الموقف الذي تتحطم فيه المعايير الاجتماعية المنظمة لسلوك الفرد , بحيث تغدو غير مؤثرة فيه , ولا تؤدي وظيفتها كقواعد للسلوك , ففي حالة الاغتراب تغرق القيم في خضم الرغبات الشخصية الباحثة عن الإشباع بأية وسيلة , فيشعر الفرد باختلال المعايير الاجتماعية التي اصطلح عليها المجتمع , والمتمثلة في العادات والتقاليد والأعراف وأخلاقيات التعامل التي تحكم السلوك .
4- العزلة الاجتماعية :
هي عبارة عن حالة ينفصل بها الفرد عن المجتمع والثقافة , مع الشعور بالغربة وما يصاحبها من خوف وقلق , وعدم ثقة بالآخرين , وتفرد الذات والإحساس بالدونية تارة وبالتعالي تارة أخري , ويكون ذالك لانعدام التكيف الاجتماعي , أو لضالة الدفء العاطفي , أو لضعف الاتصال الاجتماعي للفرد فالأفراد الذين يحبون العزلة , لا يرون قيمة كبيرة لكثير من الأهداف والمفاهيم التى ينميها المجتمع .
5- الغربة عن الذات :
يعبر هذا المفهوم عن شعور الفرد بانفصاله عن ذاته لعدم القدرة على إيجاد الأنشطة المكافئة ذاتياً , وشعور بأن ذاته الخاصة وقدراته عبارة عن وسيلة أو أداة , ويعبر الفرد عن ذالك بعدم الانتماء واللامبالاة إلي عدم الاهتمام بمجريات الأحداث الاجتماعية , والعزوف عن المشاركة في النشاطات التي عادة ما تثير اهتمام الآخرين وتفاعلهم , وفقدان الدافع لتحقيق النجاح في الحياة ومحدودية الطموحات الشخصية , أما عدم الانتماء فيشير إلي أن الفرد لا ينتسب لجماعته الأساسية ولا يرضي عنها , ولا يشعر بالفخر بها , وكذلك يرفض القيم السائدة والثقافية الخاصة ويشعر بعدم الفخر والامتنان لهذا المجتمع
وقد تتوفر هذه المظاهر جميعاً بالشخص المغترب وقد تكون بعض هذه المظاهر حسب شدة ومرحلة الاغتراب لديه ( موسى , 2003 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.