ثمرات
الإيمان باليوم الآخر
I.
أثرها في سلوك الفرد
والجماعة
v إن معرفة ذلك اليوم حقيقة المعرفة يفتح للإنسان باب
الخوف والرجاء، اللذين إن خلا القلب منهما، خرب كل الخراب، وإن عمر بهما، أوجب له
الخوف والانكفاف عن المعاصي، والرجاء تيسير الطاعة وتسهيلها، ولا يتم ذلك إلا
بمعرفة تفاصيل الأمور التي يخاف منها وتحذر، كأحوال القبر وشدته، وأحوال المواقف
الهائلة، وصفات النار المفظعة، وبمعرفة تفاصيل الجنة وما فيها من النعيم المقيم..
v معرفة فضل الله وعدله في المجازاة في الأعمال الصالحة
والسيئة.. وعلى قدر علم العبد بتفاصيل الثواب والعقاب، يعرف بذلك فضل الله وعدله
وحكمته.
v الإيمان باليوم الآخر والجزاء فيه أصل صلاح القلب، وأصل
الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، اللذين هما أساس الخيرات[2].
v معرفة حقيقة الحياة الدنيا وأنها متاع الغرور، وأنها جسر
للآخرة التي فيها الحياة الحقيقية: ﴿ وَمَا
هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ
لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت:
64].
v الحذر من المعاصي والمخالفات والبدع والظلم، وملازمة
التوبة النصوح من الخطيئات حذراً من عقوبتها في الآخرة[3].
II.
أما أثر
الإيمان باليوم الآخر على سلوك الفرد والجماعة فهو يتمثل في:
v إن الاعتقاد بالآخرة يؤدي دوره الأساس في إفاضة السلام
على روح المؤمن وعالمه، ونفي القلق والسخط والقنوط.. إن الحساب الختامي ليس في هذه
الأرض، والجزاء الأوفى ليس في هذه العاجلة.. إن الحساب الختامي هناك، والعدالة
المطلقة مضمونة في هذا الحساب. فلا ندم على الخير والجهاد في سبيله إذا لم يحقق في
الأرض أو لم يلق جزاءه، ولا قلق على الأجر إذا لم يوف في هذه العاجلة بمقاييس
الناس؛ فسوف يوفاه بميزان الله، ولا قنوط من العدل إذا توزعت الحظوظ في الرحلة
القصيرة على غير ما يريد؛ فالعدل لا بد واقع، وما الله يريد ظلماً للعباد.
v والاعتقاد باليوم الآخر حاجز كذلك دون الصراع المجنون
المحموم الذي تداس فيه القيم وتداس فيه الحرمات، بلا تحرج ولا حياء؛ فهناك الآخرة
فيها عطاء، وفيها غناء، وفيها عوض عما يفوت.
v وهذا التصور من شأنه أن يفيض السلام على مجال المسابقة
والمنافسة، وأن يخفف السعار الذي ينطلق من الشعور بأن الفرصة الوحيدة المتاحة هي
فرصة هذا العمر القصير...
v والاعتقاد باليوم الآخر ضروري لاكتمال الشعور بأن وراء
الحياة حكمة، وأن الخير الذي تدعو إليه الرسالات هو غاية الحياة؛ ومن ثم لا بد أن
يلقى جزاءه؛ فإن لم يلقه في هذه الحياة الدنيا فجزاؤه مضمون في العالم الآخر، تصل
فيه الحياة البشرية إلى الكمال المقدر لها. أما الذين يزيغون عن منهجه وحكمته - في
اليوم الآخر - فهؤلاء يرتكسون وينتكسون إلى درك العذاب.. وفي هذا ضمان للفطرة
السليمة ألا تنحرف..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق