الأشاعرة
الأشاعرة فرقة تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة
. وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها
من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم ، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن
كلاب .
1)الأفكار والمعتقدات :
- مصدر التلقي عند الأشاعرة : الكتاب والسنة على
مقتضى قواعد علم الكلام ولذلك فإنهم يقدمون العقل على النقل عند التعارض ، صرح بذلك
الرازي في القانون الكلي للمذهب والآمدي وابن فورك وغيرهم .
* عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات أو
فيما لا يعارض القانون العقلي. والمتواتر منها يجب تأويله ، ولا يخفى مخالفة هذا لما
كان عليه السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومن سار على نهجهم حيث كان النبي صلى
الله عليه وسلم يرسل الرسل فرادى لتبليغ الإسلام كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن ، ولقوله
صلى الله عليه وسلم " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها
… " الحديث ، وحديث تحويل القبلة وغير ذلك من الأدلة .
* مذهب طائفة منهم وهم : صوفيتهم كالغزالي والجامي
في مصدر التلقي ، تقديم الكشف والذوق على النص ، وتأويل النص ليوافقه . ويسمون هذا
" العلم اللدني " جرياً على قاعدة الصوفية " حدثني قلبي عن ربي
" , ولا يخفى ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة وإلا فما
الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب .
2 )التوحيد عند الأشاعرة : فسروا الإله بأنه الخالق
أو القادر على الاختراع ، وبذلك جعلوا التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته
مع تأويل أكثر صفاته جل وعلا.
وهكذا خالف الأشاعرة
أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد أول واجب
على العبد هو إفراد الله بربوبيته وألوهيته
وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم
، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف أو
تعطيل أو تكييف أو تمثيل .
- يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين
والعين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء . وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض
معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه ، ولم يقتصروا على تأويل آيات
الصفات بل توسعوا في باب التأويل حيث أولوا أكثر نصوص الإيمان.
أما مذهب السلف فإنهم
يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص - بمعنى تحريفه - أو تفويضه ، سواءاً كان
في نصوص الصفات أو غيرها .
- الأشاعرة في الإيمان بين المرجئة التي تقول يكفي النطق بالشهادتين
دون العمل لصحة الإيمان ، وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي . ورجح الشيخ
حسن أيوب من المعاصرين إن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن
لم ينطق بالشهادتين ، ( تبسيط العقائد الإسلامية 29-32 ) . و مال إليه البوطي ( كبرى
اليقينيات 196 ) . وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان
قول وعمل واعتقاد ، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها : ( أم حسب الذين اجترحوا
اليسئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون
) . عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم ، وكذلك أبو طالب
عم النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كثير .
- الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير فتارة يقولون
لا تكفر أحداً ، وتارة يقولون لا تكفر إلا من كفرنا ، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق
و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق ، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من
يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون : إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر .
أما أهل السنة والجماعة
فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً ،
ولا تردد في إطلاقه
على من ثبت كفرة بإثبات شروط وانتفاء موانع 0
-قولهم بأن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة ولكنه
كلام الله النفسي وإن الكتب المنزلة بما فيها القرآن مخلوقة .
أما مذهب أهل السنة
والجماعة فهو : أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه
الملائكة وسمعه جبريل و سمعه موسى - عليه السلام - ويسمعه الخلائق يوم القيامة . يقول
تعالى : (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )) .
- حصر الأشاعرة دلائل النبوة بالمعجزات التي هي
الخوارق ، موافقة للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدق النبي بينما
يرى جمهور أهل السنة أن دلائل ثبوت النبوة للأنبياء كثيرة ومنها المعجزات .
- قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقاً .
- وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان
بأحوال البرزخ ، وأمور الآخرة من : الحشر والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة والجنة
والنار ، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم ، وأيدتها
نصوص الكتاب والسنة ، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .
- كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم
، وأن ما وقع بينهم كان خطأً وعن اجتهاد منهم ، ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم ، لأن
الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق ، كما يرون الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة
خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور . بالإضافة إلى موافقة أهل السنة
في أمور العبادات والمعاملات .
- الأشعري
في كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي هو آخر ما ألف من الكتب على أصح الأقوال ، رجع
عن كثير من آرائه الكلامية إلى طريق السلف في الإثبات وعدم التأويل .. يقول رحمه الله
:" وقولنا الذي نقول به ، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبينة
نبينا عليه السلام ، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون
، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ، ورفع درجته
، وأجزل مثوبته - قائلون ، ولما خالف قوله مخالفون ، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل
الذي أبان الله به الحق ، ورفع به ضلال الشاكين ، فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل
معظم وكبير مفخم ".
- تصدي الإمام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية
التي اعتقد أنها انحرفت عن الكتاب والسنة - ومنهم الأشاعرة وبخاصة المتأخرة منهم -
في كتابه القيم : درء تعارض العقل والنقل وفند آراءهم الكلامية ، وبين أخطاءهم وأكد
أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد .
3)الانتشار
ومواقع النفوذ :
انتشر المذهب الأشعري
في عهد وزارة نظام الملك الذي كان أشعري العقيدة ، وصاحب الكلمة النافذة في الإمبراطورية
السلجوقية ، وكذلك أصبحت العقيدة الأشعرية عقيدة شبه رسمية تتمتع بحماية الدولة .
وزاد في انتشارها
وقوتها مدرسة بغداد النظامية ، ومدرسة نيسابور النظامية ، وكان يقوم عليهما رواد المذهب
الأشعري ، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامية
وقتها ، كما تبنى المذهب وعمل على نشره المهدي بن تومرت مهدي الموحدين ، ونور الدين
محمود زنكي ، والسلطان صلاح الدين الأيوبي ، بالإضافة إلى اعتماد جمهرة من العلماء
عليه ، وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين . ولذلك انتشر المذهب في العالم
الإسلامي كله ، ولا زال المذهب الأشعري سائداً في أكثر البلاد الإسلامية وله جامعاته
ومعاهده المتعددة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق