الصداقة في الاسلام
تقديم
عام :
الصداقة
الحقيقية هو سرٌ للسعادة والراحة النفسية والدعم المعنوي، فعلاقة الصديق بصديقه
تخفّف عنه من الهموم والأوجاع الشيء الكثير.
التشارك بين الأصدقاء حالات الفرح والحزن وتقديم
يد المساعدة إن احتاج لها في كلا الحالتين.
الصداقة
قد تثمر عن أفكار ومشاريع بين الأصدقاء تعود عليهم بالنفع وتحسين الدخل الماديّ،
كما يُمكن أن يتعاون الأصدقاء فيما بينهم لتقديم خدمة أو مساعدة لصديقٍ أو زميلٍ
أو جارٍ أو تقديم خدمة مجتمعية.
مفهوم الصداقة في
الإسلام:
إن كلمة "الصداقة" مشتقة
من مادة "صدق" كما اشتق منها "الصادق" و "الصديق"
وجمعه "الصديقون" و "الصديق" وجمعه "الأصدقاء" .
وأن الصداقة الصادقة تدور حول
المعاني النبيلة المنبثقة من الصدق الخالص بعيده عن شوائب المجاملة والمداهنة
والمظاهرة .
والصديق المخلص هو الذي يصدق بك
وتصدق به بدون تكلف وبلا تصنع ، بل بصدق نية وإخلاص القلب .
وأن الصداقة الحقيقية عبارة عن
المشاعر الفياضة بين قلبين ويتألق صفاء تلك المشاعر على سلوك صاحبيهما ومعاملاتهما
بتجاوب كامل وأمانة تامة وسعادة نفسية .
الصداقة فى الاسلام:
قال الله سبحانه وتعالى عن مكانة
الصديق في حياة المرء المسلم : " أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو
صديقكم" (النور : 61) . وقال أيضا : "فما لنا من شافعين ولا صديق
حميم" (الشعراء : 101).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: "المرء على دين خليله" فلا بد للمسلم العاقل أن ينظر من يتخذه خليلا
وصديقا ، لأن الله سبحانه وتعالى قد قال عن شأن الأخلاء يوم البعث والحساب :
"الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض إلا المتقون" (الزخرف : 67) . وقال :
"من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة " (البقرة : 254).
وتدل هذه الإرشادات الإلهية على
ضرورة النظر والدراسة قبل اتخاذ الإنسان صديقه وخليله لأن الفاسدين من الأخلاء
والأصدقاء بكبونه في الفساد ويزيدون به عدد المفسدين بينما الأصدقاء الصالحين
يصلحونه ويزيدونه خيرا وثراء وسعادة في الحياة الدنيا والحياة الأخرى ، ولهذا
حذرنا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم عن جليس السوء وصحبة اللئيم ، لأن المرء –
كما قال – على دين خليلة فيضطر ليدفع ثمن ما فرط وأضاع بسبب صداقة ضالة وفاسدة
ويقول يوم الحساب : "يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا" (الفرقان : 28).
أخطار صديق السوء:
وإذا أساء الإنسان اختيار صديقة
فإن ذلك الصديق الضال أو اللئيم يسوقه إلى المهالك والمتاعب لأنه يصبح موضع ثقته ،
ومكشف أسراره وماله وأهله ، وليس معنى ذلك اختيار الصديق المبرأ من كل عيب ومن كل
خطأ لأن الإنسان العادي غير معصوم من الأخطار ولكن الواجب الاحتياط في الاختيار
وتفضيل من غلبت محاسن على مساوئه وله رغبة الصلح والإصلاح وكما له حسن النية في
معاملاته ، وصدق الهدف في علاقاته ، وجاء رواية عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
رضي الله عنه بعض الإرشادات النيرة عن اختيار الصديق الأمين فقال : "عليك
بإخوان الصدق ، تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ، وضع أمر
أخيك على أحسنه حتى يجيئ ما يريبك فيه ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك إلا الأمين ،
ولا أمين إلا من يخشى الله تعالى ، ولا تصحب الفاجر ، فتتعلم من فجوره ، ولا تطلعه
على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله سبحانه وتعالى ، وبصرف النظر عن صحة نسبة
هذه الأقوال إلى عمر الفاروق رضي الله عنه فإنها تعطي مبادئ حكيمة لاختيار الإنسان
صديقه وخليله في حياته بدقة وأمانة وحيطة .
مفهوم الصداقة
الحميمة:
إن الصداقة الحقيقية الخالصة لها
مواصفات ومعايير ، وليست مجرد مجاملات وانفراج للأسارير ، عند الملاقات والمقابلات
والمناسبات وأنها تعبير نفسي وتجاوب كامل بين الصديقين بدون تكلف وتصنع ، ومن شروط
دوام الصداقة بين الشخصين تبادل النظرات الحانية والمشاعر السامية والكلمات
النبيلة ، وتتألق آثارها على وجهيهما وفي نفسيهما دوما ، وأن الصداقة الخالصة لن
تكون نفعية متبادلة ولا وصولية مؤقتة ، ولا يستعملها كلا الطرفين لتحقيق أغراض
خبيثة ولا لارتكاب معصية بل هي تعاون على البر والتقوى ومظهر لالتقاء الخير بالخير
والحب بالحب والصدق بالصدق والأخوة بالأخوة ولقاء الصديقين الحميمين في الواقع
لقاء بين قلبين وروحين يشعر كل منهما بالهناء والسعادة والانشراح .
مبررات
الحاجة إلى الصديق:
الإنسان
مدني بطبعه، ولا يستطيع اعتزال الناس والانفراد عنهم لأن اعتزالهم يبعث على الغربة
والوحشة والإحساس بالوهن والخذلان إزاء طوارئ الأحداث وملمّات الزمان. لأجل ذلك
كان الإنسان توّاقاً إلى اتّخاذ الخلاّن والأصدقاء، ليكونوا له سنداً وسلواناً،
يسرّون عنه الهموم ويخفّفون عنه المتاعب، ويشاطرونه السرّاء والضرّاء. قال أمير
المؤمنين الإمام علي عليه السلام: "عليك بإخوان الصدق، فأكثر من اكتسابهم،
فإنهم عدّة عند الرخاء، وجنّة عند البلاء"1. فمخالطة الإنسان ضرورة لا غنى له
عنها، لأن من البديهي أن الإنسان المنفرد عاجزٌ عن أن يوفّر لنفسه مقومات بقائه
وتطوّره واستمراره، لذا هو مدفوعٌ بطبيعته إلى مخالطة الآخرين من بني نوعه ليستعين
بهم على توفير هذه المقوّمات.
حقوق
و واجبات الصديق:
المؤمنون
إخوة تربطهم ببعض بعضاً علاقة المحبة والعطاء والإحسان. ولكل أخ حقوقٌ وعليه
واجبات. فلا يمكن بناء صرح الصّداقة على أسسٍ سليمة، ولا يمكن توقّع نتائج إيجابية
لمستقبل العلاقات الأخويّة ما لم تُراع الضوابط والشروط الأساسية لها، والتي تأتي
حقوق الأخوّة على رأسها. فللمعاشرة وظائفٌ وحقوقٌ لا بدّ من معرفتها والتقيّد بها
لكي تحقّق الصداقة أهدافها المنشودة وتصل إلى غاياتها، وإليك بيان لبعضها:
1- حبّه: الإسلام يوصي
بأن يحب الأخ أخاه المؤمن. وقد عدّ بعض الروايات هذا الحب حقاً للمؤمن على أخيه،
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: "من حق المؤمن على المؤمن المودة له في
صدره"26.
2- إدخال السرور عليه: عن
الإمام الباقر عليه السلام: "ما عُبد الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور
على المؤمن"27. وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من سر
مؤمناً فقد سرني ومن سرني فقد سر الله"28.
3- إطعامه وكسوته: من حق
المؤمن على أخيه أن يطعمه إذا جاع وأن يكسوه إذا عرى. قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: "ما آمن بالله من شبع وأخوه المؤمن جائع، أو كُسيَ وأخوه
عريان"29.
قضاء
حوائجه: على المسلم أن يقضي حوائج أخيه بحدود إمكانه، عن الإمام
الصادق
عليه السلام قال: "ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله تبارك وتعالى: عليّ
ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنة"30. وعن الإمام السجاد عليه السلام قال:
"إن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملّوا النعم"31.
5- نصرته: يواجه الإنسان
في حياته أحياناً بعض المواقف الصعبة التي يكون فيها بأمسّ الحاجة إلى المعين
والناصر. فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما من امرئ مسلم
ينصر مسلماً في موضع ينتهك فيه عرضه ويستحل حرمته إلا نصره الله في مواطن يحب
تعريف
الصداقة:
الصداقة
هي: الصحبة عن محبة، وهي مأخوذة من الصدق لأن الصديق يصُدق صديقه وُيَصِّدُقه.
وقد
حث الشرع على مصادقة الأخيار والبعد عن مصادقة الأشرار، فقال صلى الله عليه وسلم:
المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال
صلى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ
الكير........... رواه مسلم.
ومن
الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الصديق حتى يكون صديقاً صالحاً: الوفاء - الأمانة
- والصدق - والبذل- والثناء - والبعد عن ضد ذلك من الصفات.
والصداقة
إذا لم تكن على الطاعة فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة، قال تعالى:
الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]. " .
آداب
الصداقة:
ومنها : حب التزاور والتلاقي والتباذل ،
والبشاشة عند اللقاء ، والمصافحة بود وإخاء .
وقد
روى مسلم (2567) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَنَّ رَجُلًا زَارَ
أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ
مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ أُرِيدُ أَخًا
لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ . قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا
؟ قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ
فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا
أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق