الموسيقى وتأثيرها على الانسان وامكانيات العلاج بها
بنيت الموسيقى منذ بدء التكوين على الاحساس عند الكائنات الحية, ولكن كما نعلم بأن الاحاسيس تختلف عند الكائنات وكذلك الامر بالنسبة للموسيقى, فالموسيقى تشغل اهميه كبيره بحياتنا اليوميه وتأثر تأثيرات عديده منها الايجابي كما السلبي.
ومع مرور الزمن فقد تلاحمت الموسيقى في أنحاء العالم حيث أصبح المجال اكبر للتأليف والإحساس ضمن القواعد الموسيقية إي انه قد أمكن على الموسيقي إن يستمع إلى موسيقى الأمم وبدء يبحث عن ذاته في الموسيقى التي قد تستسيغها أذنه فأصبح على سبيل المثال يطبق لحنه على قواعد جديدة ليست من موسيقى مكان عيشه أو تولده, ومن هنا بدء اكتشاف التأثيرات الموسيقية على الإنسان وعلى النفسية السيكولوجية فإما إن تكون ايجابيه كانت أم سلبيه, فيختلف تأثيرها بين شخص إلى أخر وذلك حسب حاجة الإنسان لنوع الاستماع والاستمتاع بها.
يعتبر العلاج بالموسيقى احدى وسائل عمليات تنشيط الحالة النفسية لدى الإنسان وذلك بتنشيط الحواس والغدد والجهاز العصبي وقد أعدت لهذا الغرض العديد من هذه المراكز التي تؤمن بمبدأ "التوازن النفسي السليم "
الموسيقى هي لغة العواطف الجياشة, تعبر عن أحاسيس الإنسان تبعاً لنوع النغم الذي يستمع إليه سواء كانت هادئة أو صاخبة أو فرحه أو حزينة. فالموسيقى الهادئة تعمل على تصفية الذهن ودفع الملل والكآبه والقلق وتنمي في الفرد ألنزعه المثالية وتعين على الشفاء من أمراض كثيرة عضويه ونفسيه. أما الموسيقى الصاخبة فهي تثير القلق, وهي أشبه بالضوضاء. والموسيقى القوية الرتيبة العسكرية فتثير حماس الجند وقد قال نابليون مرةً انه كسب معركة بفضل سيمفونية بيتهوفن. وأود هنا أثارة نقطه مهمة تدل على إن الموسيقى القوية الرتيبة تثير الحماس وذلك بتصريح قادة دولة إسرائيل المصطنعة حيث أعلنوا بأنهم سوف يقطعون لسان فناننا الكبير مارسيل خليفة لان موسيقاه تثير الحماس لدى المقاومة وتساعدهم على التصدي بصلابة للدولة الغازية.
فما من شيء نحسه أو نفكر به إلا وتقدر الموسيقى قوله في نغمات ومقامات وأغنيات , والموسيقى هي اقدر الفنون على خدمة الإنسان وتعتبر من أرقى أنواع المنشطات النفسية والعضوية.
العلاج بالموسيقى عند الاغريق والعرب:
استخدامت الشعوب القديمة الموسيقى لغرض الاستطباب, ففي زمن الهيلينين (اليونانيين القدماء) امن أولئك البشر بأثر الموسيقى على شفاء المرض, وكان (أبو أقراط) أول من استخدم الموسيقى بين اليونانيين إيماناً منه بقدرتها على تخفيف التعب والإرهاق وتعديل المزاج الحاد وشفاء الأمراض النابعة من الإنهاك العقلي والجسمي. أما الأطباء العرب فقد استخدموا الموسيقى في العلاج ومنهم أبو بكر الرازي وابن سينا وأخوان الصفا والكندي. فقد بيّن أبو بكر الرازي إن للموسيقى أثار سحريه تقي المرضى من تأجج أزماتهم النفسية. أما الكندي فكان يعتقد إن للألحان ألموسيقيه أثارها الحسنه على صحة الجسم, إذ أنها تستخدم كمقويات للدم وكمسكنات وكمساعده على التخلص من عسر الهضم. ويقول الكندي كذلك إن لآلة العود قدره فائقة على التخلص من الآلام جميعها, ولذلك ادخل الآلات الموسيقية كالدفوف والأعواد لمعالجة مرضاه. أما ابن سينا فله في هذا المجال قول مأثور: "الغناءاحسن رياضه لحفظ الصحة من العناء". ويذكر لنا أخوان الصفا في رسائلهم عن استعمال الموسيقى في مشافي المجانين التي وجدت في ذلك العصر حيث كان يلجا الأطباء العرب لشفاء المجانين إلى استخدام الموسيقى لتخفيف الآلام عن مرضاهم أثناء النوبات.
ويوضح إخوان الصفا في رسائلهم ايضاً إن الموسيقى تؤدي إلى السكينة الكاملة والطبيعية لدى المرضى بعد الاستماع للنغمات الموسيقية.
وقد روي عن الكاتب الروسي "ترلستوي" انه كان يضطرب اضطراباً حاداً, عندما يسمع البيانو ينطلق مدوياً في أرجاء فيلته وكان يقول للعازفين "أوقفوا هذا العزف... انتم تريدون قتلي به "حيث إن الموسيقى كانت تدعو الكاتب الكبير للاقتراب أكثر من ذاته السامية, ووضع مفاهيمه ونظرياته حول المساواة والإخاء بين جميع الناس موضع التطبيق وذلك من خلال تخلصه من ممتلكاته, فقد كان من اكبر الإقطاعيين الروس في ذلك الوقت.
ومن أشهر من مارس معالجة الأمراض بالموسيقى في مطلع القرن العشرين الطبيب "ليونارد غودننغ" وذلك بجعل المريض يرقد على ظهره فوق السرير خاص مظلل بستائر تضمن الإظلام التام حول المريض. ومن خلال جهاز الفونوغراف تبث الأنغام اللطيفة والهادئة بشكل مترافق مع عرض سينمائي لمناظر طبيعيه تأخذ بالإبصار . ويقول "دوننغ" إن الموسيقى الهادئة تفيد الأشخاص الذين يعانون من الأرق, بما يعادل فعل المهدئات الدوائية. وقد وجد الأطباء والعلماء بعد الحرب العالميه الثانيه حاجه ماسه للاستطباب بالموسيقى. وقد دهش الاطباء حين لمسوا قدرة الموسيقى على تنظيم النبض والدوره الدمويه واعادة الهدوء الى الاعصاب المشدوده والمتوتره.
وهذه الايام اصبح يوجد في كل دول العالم المتقدمه مستشفيات تستخدم الموسيقى في علاج كثير من الامراض, قبل العمليات, خلال المعالجه الكيميائيه والامراض التي من ضمنها امراض الام الظهر, النخاع الشوكي, الامراض العصبيه, ارتفاع الضغط والام الرأس. حيث اصبح شفاء المرضى ممكناً دون الحاجه الى اقراص الادويه او غيرها, بذلك يكون العلاج بالموسيقى قد نجح نجاحاً باهراً لم يكن في الامكان تحقيقه باستخدام الادويه الاخرى, التي تستعمل في مثل هذه الحالات وهذا ما يبرهن عليه البروفيسور الدكتور "جيفري رودي" صاحب احدث طريقه للاستشفاء بجامعة اوهايو الامريكيه وهو يرسل مرضاه ليمارسوا الواناً من التمارين النفسيه والتدريبات الذهنيه مع نغمات الموسيقى في الهواء الطلق وعلى العشب الاخضر.
يقال عن الدكتور "رودي" انه يحقق ما يشبه المعجزات في شفاء المرضى دون استخدام العقاقير الطبيه. ويقال ايضاً ان هذا العلاج الجديد بالموسيقى يحول الخاملين والكسلى الى متسلقي جبال, والمترددين الى شجعان واشداء.
كثيراً ما نجح الدكتور "رودي" في اسابيع معدوده تحويل مرضى القلق والتعاسه والكآبه, الى اصحاء تغمرهن البهجه والسكينه.
وكان الدكتور "رودي" رئيساً لاطباء دار الشفاء في ولاية متشغان, التي بلغت شهره عالميه, وتستهدف في الدرجه الاولى, اعادة عمل اجهزة الدم والتنفس الى حالتها الطبيعيه, بعد الاصابه المرضيه, باساليب ممارسة الحركه الرياضيه الموسيقيه, ما بين الحركه الصعبه والشديده وبين الحركات الراقصه الخفيفه, مما يساعد في إنعاش النفس وصحة الجسم وعافيته.
قد نشات هذه الطريقه من طرق ممارسة تركيز الذهن والمشاعر, وحصرها لسمع نغمات الموسيقى والتفاعل الحسي والحركي مع ذبذباتها تحت رقابه طبيه, ثم اضيفت لهذه الطريقه تدريبات خاصه مدروسه, حتى اصبحت طريقة علاج طبيه متكامله تنفذ تحت إشراف الطباء والختصين.
تفسير علمي للعلاج بالموسيقى:
اولى النتائج التي حققتها التجارب التي اجراها الباحثون على الانسان كانت اكتشاف فعالية الموسيقى واثرها في تنشيط إفراز مجموعه من المواد الطبيعيه التي تتشابه في تركيبها مع المورفين, وتسمى بالاندروفينات. ويعتقد الباحثون العلماء انهم على اولى خطوات تحقيق وتعميم هذا الاكتشاف, الذي سيحدث تغيرًا جذريًا في الاراء المعروفه عن (كيمياء الالم) بفضل الاندورفينات التي هي احد انواع (البيبتيد), اي الهارمونات التي تفرزها الغده النخاميه, وابرز مراكز تجمعها في اللوزتين, وفي الجهاز الليمفاوي, حيث يحتويان على مجموعه كبيره من الخلايا التي تفرز الاندروفينات حيث يحتويان على مجموعه كبيره من الخلايا التي تفرز الاندروفينات. وهكذا فإن الالم والمتعه والانفعال وكثيرًا من الامراض لها اتصال بعمل الاندروفينات التي اكتشفت في بداية السبعينات من القرن العشرين, والتي اتضح ان الموسيقى تساعد بصوره كبيره على زيادة إفرازها, وبالتالي على علاج الجسم وشفائه من الامراض.
كما اثبتت التجارب العديده, حتى اليوم, ان زيادة تلك المواد لا تمثل اية خطوره على المريض فضلاً عما لتلك الاندروفينات من ميزه يجب ان تؤخذ في الاعتبار, وهي بمقارنتها بالادويه الاخرى , عباره عن ماده طبيعيه يفرزها الجسم, ومن المأمول الا تكون لها اية اثار جانبيه.
يقول سيجمان فرويد: ان تاير الموسيقى على الانسان لها عوامل عده وعلاج أي مرض يتم حسب دراسة وضع المرضى وعند معرفة طفولة المريض يحدد التشخيص فانواع الموسيقى تقوم على الاداء الحسي للعازف التي تتجله في الحزن والفرح والهدوء والصخب فلا يمكن ان نعالج مريض الياس في موسيقى حزينه فحالة الاشخاص النفسيه هي التي تحدد بعد الدراسة الدقيقه كيفية العلاج ونوعية الموسيقى وكما اثبتت التجارب المجرة بان الموسيقى الهادئه يمكن استخدامها بدلاً من المسكنات وان الموسيقى الصاخبه تؤثر على المرضى سلباً لانها توتر الحركه الدمويه وتخربط ظربات القلب غير انها تضرب عمل الكبد وتكون هذه الحاله عند الرجال اكثر من عند النساء.
وقد أستخدم في تجارب على موظفين بالاستماع الموسيقي وكانت النتيجه بان الذين استمعوا الى الموسيقى زاد انتاجهم عن الموظفين الذين لم يستمعوا للموسيقى وقد كان لمستمعي الموسيقى من الموظفين نوعان (موسيقى فره, وموسيقى هادئة) ونتج عن ذلك انقسام اخر وهو بان الموسيقى الفرحه حصلة على انتاج اكبر في العمل بحيث ان المستمعين لهذا النوع من الموسيقى كان بإمكانهم العمل بشكل اسرع من المستمعين الى الموسيقى الهادئه ولكن المستمعين الى الموسيقى الهادئة كان شعورهم بالتعب اقل من المستمعين الى الموسيقى الفرحه حيث استطاعوا العمل لسعات اطول, ومن هنا نستنتج ان تاثير الموسيقى واحد ولاكن اختلافه زمن وحيوي باختلاف طفيف على عكس الموسيقى الصاخبه التي كان تاثيرها سلبياً بكل الحالات, حيث ان العامل عند استماعه للموسيقى الصاخبه بداء يفقد تركيزه على العمل وبداء ايضاً باللا مبالة ونشير هنا لنقطة هامه وهي ان الموسيقى الصاخبة تؤثر على الكبد بسب التوتر العالي وتضرب السمع ايضاً وهي جداً سيئة للمرأة الحامل.
اثر الموسيقى على العدائين:
لقد أعلن فريق من علماء جامعة (اوهايو الأمريكيه) إن العدائين يبذلون جهداً أقل اثناء العدو، إذا مارسو تلك الرياضه على أنغام الموسيقى... وقد أكدّت هذه الحقيقه في تجربه مهمه، حيث وضع العلماء سماعات تنقل الموسيقى لآذان عدد ممن أجريت عليهن هذه التجارب، بينما مارس البعض الآخر الرياضه من دون الموسيقى.
النتيجه الواضحه أشارت الى ان الغدد النخاميه للعدائين, أثناء سماع الموسيقى, كانت تفرز كميه اكبر من مادة "الاندروفين" التي تفرزها مراكز معينه في المخ عند بذل جهد كبير, أو العور بالالم, مما يشير الى ان إحساسهم بالتعب اثناء الجري كان اقل من الفريق الثاني, الذي لم يستمع الى الموسيقى أثناء ممارسته لرياضة الجري.
أثر الموسيقى على الموظفين:
قدم الباحثون في جامعة "الينوي" الامريكيه خلاصة تجاربهم, التي شملت مائتين وستة وخمسين موظفاً, طلب من خمسة وسبعين منهم ان يستمعوا الى مختاراتهم الموسيقيه المفضله, أثناء عملهم, مع وضع سماعات في اذانهم كي لا يزعجوا زملاءهم الاخرين. ولقياس اثر الموسيقى عقد الباحثون مقارنه بين أداء هؤلاء الافراد من الخمسة والسبعين, وهم يستمعون الى الموسيقى وادائهم بدون الاستماع الى الموسيقى, وكانوا ايضاً بين هذا الفريق وباقي افراد العينه من الموظفين الذين تركوا يؤدون اعمالهم المعتاده دون الاستماع الى الموسيقى.
وكانت نتيجة الدراسه كما اعلنها البروفسور "اولدمان" استاذ إدارة الاعمال والعلوم السكلوكيه بجامعة "الينوي" ان السماع للموسيقى له جوانب إيجابيه على أداء الاعمال الكتابيه. فقد ادى الاستماع للموسيقى الى زيادة مستوى الانتاجيه لدى الفريق الاول من العينه بمعدل 14% لمن يقومون باعمال كتابيه بسيطه, وبنحو 7% للاعمال الكتابيه الاكثر تعقيداً.
الموسيقى لعلاج السكته الدماغيه:
في عام 1996 اجرت مجموعه من الباحثين في جامعة كولورادو اختباراً على عشرة من مرضى السكته الدماغيه, الذي فقدوا القدره على المشي, وذلك بتعريضهم لنوع من الايقاع الموسيقي لمدة ثلاثين دقيقه كل يوم, وعلى مدى واحد وعشرين يوماً, وكانت النتيجه ان ابدى المرضى تحسناً ملحوظاً في طريقة المشي مقارنه مع المرضى الاخرين الذين لم يتلقوا مثل هذا النوع من العلاج بالموسيقى.
وتشير الابحاث والدراسات الى ان قصة الطفل "ماثيو" هي واحده من قصص عديده ساهمت في تدعيم فكرة العلاج بالموسيقى وماثيو طفل في السنه الرابعه من عمره, اصيب شلل دماغي, ومنذ إصابته بهذا المرض, بدأت حياته أكثر تعقيداً وصعوبه فقد صار يمشي بتثاقل, ويفكر ببطىء, ولا يتحدث كثيراً كما ادى الاحباط لتعرضه للأكتئاب الشديد.
بدا "ماثيو" يتلقى العلاج بالموسيقى على يد الدكتور "كليفاروبنز" الذي يعمل بمركز "نوردوف روبنز" للعلاج بالموسيقى في جامعة نيويورك.
ويقول الدكتور "روبنز" بأنه ما أن بدأ الطفل "ماثيو" بتلقي العلاج حتى أخذت تبدو عليه علامات النشاط والثقه بالنفس, كما اصبح اجتماعياً ويحب الناس.
وكان الطفل "ماثيو" كلما زار عيادة الطبيب "روبنز" يقوم بالطرق على طبل مزود باوتار بطريقه تتناغم مع اغنيه مرتجله يغنيها طبيبه المعالج . وقبل ان ينتهي اللحن ينتقل "ماثيو" للعزف بأصابعه على بيانو قريب, محافظاً على توازنه عن طريق الامساك بيده الاخرى بأوتار الطبل. وبهذه الطريقه تعلم كيف ينسق حركة اعضاء جسمه ويحافظ على توازنه في ان واحد.
وتشير الابحاث والدراسات ايضاً الى ان هناك اجهزه اخرى في الجسم تستجيب للنغمات الموسيقيه بنفس درجة استجابه اجهزة الحركه. فعلى سبيل المثال وجد باحثون اسكتلنديون ان جرعه يوميه من موسيقى "موزارت او مندلسون" من شأنها ان تحسن نفسية كثير من مرضى السكتات الدماغيه, الذين يتلقون العلاج في مؤسسات خاصه. وقد اظهرت نتائج الاختبارات النفسيه التي قام بها هؤلاء الباحثون, ان المرضى الذين تلقوا علاجاً يومياً بالموسيقى لمدة ثلاثة اشهر كانوا اقل قلقاً او اكتئاباً من غيرهم من المضى الذين لم يتلقوا مثل هذا العلاج.
ويقول الدكتور "ديفيد ووكو" الذي يعمل في مركز قيصر الصحي بأمريكا بأن المشكله في كل الامراض هي (القلق) فليس غريباً ابداً ان المرضى قبل إجراء الجراحه يصابون بالقلق والراحه هي معالجة عالميه والانسان الذي يتعلم كيف يرتاح بعمق يكون عنده استعداد نفسي للشفاء بسرعه والموسيقى تساعدنا في الحصول على هذه الراحه.
وللاستخدام اليومي للموسيقى للتخلص من التوتر والقلق ينصح المتخصصون كل إنسان بالبحث عما يناسبه ليكتب لنفسه وصفة العلاج الموسيقي التي تلائمه. والسبيل إلى ذلك , كما تقترح السيده "غوزيتا" المتحمسه لفكرة العلاج بالموسيقى, هو تجربه اثر الالوان المختلفه من الموسيقى على الانسان, من حيث سرعة النبض ومعدل التنفس والحاله المزاجيه العامه ثم جمع المقطوعات الموسيقيه ذات الاثر المهدىء والمنعش على شريط كاسيت والاستماع اليها لمدة نصف ساعه في برنامج يومي يسترخي فيه الانسان في جو إضاءه هادئه مع التنفس بعمق اثناء الاستماع. وتؤكد السيده "غوزيتا" ان العلاج بالموسيقى لا يقصد به الاستغناء عما يتطلبه العلاج من الامراض من عقاقير ومستحضرات طبيه, بل انه نوع من العلاج المساعد. أما في الحالات غير المرضيه فإن وصول الانسان الى اكتشاف نوع الموسيقى الذي يرتاح لسماعه سيساعده على التخلص من الضغوط والقلق ويغمره بالاحساس بالسعاده.
وتقول الدكتروه "نانسي هانت" في مستشفى (سانت لويس) بالولايات المتحده الامريكيه: "الموسيقى اداة قويه عجيبه لها تأثير فسيولوجي مباشر علينا فهي تزيد حجم الدم وتخفض ضغط الدم وتوازن نبضات القلب وتجعلنا نرتاح نفسياً ونسعد".
الموسيقى تساعد على التخلص من الالم :
لقد اظهرت الابحاث والدراسات ان للموسيقى دوراً في تخفيف الالم , فعلى سبيل المثال وجد ان اللواتي يستمعن للموسيقى اثناء الولاده يكن اقل حاجه من غيرهن لاخذ الحقن المخدره . وفي حال الولاده تقوم بعض المراكز المتخصصه بإحضار شريط تتراوح مدته من 18-20 ساعه , عليه عدة اغان وموسيقى تكون الام قد تدربت عليها للتخلص من الام وإراحة اعصابها .
وقد اجريت دراسه على ثمانية مرضى خضعوا لعمليات فتح القلب وكانوا امام خيارين لتخفيف الالام الناجمه عن الجراحه. الاول: عن طريق حقنهم بسائل مخدر في الوريد, والثاني بتعريض المريض لنوع من الذبذبات منخفضة التردد لمدة عشرين دقيقه يومياً وقد أختار المرضى الطريقه الثانيه فكانت النتيجه ان انخفضت مدة بقائهم في المستشفى اربعة ايام عن المده المعتاده.
ويقول الدكتور "ستيفان كيريك" رئيس مركز قيصر الطبي, ان مرضى السرطان مثلاً تعرضوا لسلسله من المعالجات المؤلمه, واليوم نستطيع ان نقدم لهم شريطاً موسيقياً ليستمعوا له خلال المعالجه ولقد تبين ان الموسيقى تساعدهم على التخلص من الالم إضافه الى تهدئة اعصابهم. ومرضى الحروق عليهم البقاء في المشفى لمده طويله حيث يتعرضون لالام شديده خلال التئام حروقهم, وطبعاً نحن لا نستطيع إعطاءهم عقاقير مهدئه طول الوقت حتى لا يدمن الجسم عليها, وباستعمال الموسيقى استطعنا تهدئتهم وتخفيف الامهم . وهناك شريط تلفزيوني مدته ساعه يستعمل الان في المركز الصحي في جامعة مارساشوسيت يصحب المتفرجين الى ما يسمى بالتأمل العميق . ويدعو الدكتور "كوبات الزين" رئيس القسم, الى إدخال الموسيقى في كل المراكز الصحيه للمرضى والاطباء على السواء. وفي احصاء اخير تبين ان ثمانين في المئه من المرضى الذين اتبعوا هذه الطريقه قالوا انها مفيده وانها ساعدتهم على التخلص من الالم.
أضرار الموسيقى الصاخبة:
الدكتور "دافيد ليسكوب" مدير مختبر دراسة الضجيج بجامعة تينسي احد العلماء الذين استرعتهم ظاهرة الموسيقى الصاخبه, أجرى دراسه بمقياس السمع على ما يقارب الالف تلميذ في كل مرحله من مراحل التعليم, فوجد ان 38 تلميذاً من بين كل الف في سن السادسه لديهم خلل ما بالسمع يعود سببه الى ضجيج الموسيقى الصاخبه. اما من هم في سن التاسعه فقد ارتفعت نسبة المصابين بينهم الى 110 تلاميذ من كل الف. وعندما فحص التلاميذ من سن ال12 سنه وصلت هذه النسبه 126 تلميذاً مصاباً في سمعه. وفي عام 1968 تم إجراء التجربه على الطلاب المستجدين في جامعة تينسي فجرى فحص 768 طالباً لهم خبره اقل من خمسة سنوات في موسيقى الجاز, فأثبت الفحص ان هناك 330 طالباً مصاب بخلل ما في سمعه.
الموسيقى الملائمه:
يقول الدكتور "ستيفان هالبرن" والدكتوره "جورجيا كيلي" الباحثان في العلاج بالموسيقى: ان مكتبه موسيقيه شخصيه تحسن الجو الذي تعيش فيه كما تساعدك على تحسين صحتك. وإذا كنت تبحث عن موسيقى لراحة الاعصاب فما عليك إلا ان تراقب نفسك خلال استماعك للشريط أو الاسطوانه التي أخترتها فإذا جعلتك الموسيقى تتنفس بعمق وبطىء , فهي تساعدك بالتأكيد على الراحه . أما إذا وجدت نفسك تتنفس بسرعه وشعرت بألم في منطقة الصدر والرقبه فهذا الشريط ليس مفيداً وينبه الدكتور هالبرت أيضاً الى ان بعض الموسيقى الكلاسيكيه السريعه لن تفيدك . على الانسان المستمع ان يراقب جسمه وإحساسه وان يسمح للموسيقى ان تكون مركز انتباهه . انتقاء الموسيقى التي تتفق مع احاسيسنا في ساعة الجلوس او التمدد للاستماع للموسيقى وعند الشعور بالحاجه للرقص يجب الاستماع لموسيقى راقصه تنسجم مع رغبة الشخص .
والدكتوره جورجيا كيلي تقترح الموسيقى الهادئه بشكل عام , كتلك التي نجدها في بعض الموسيقى الكلاسيكيه لهاندل , وشوبان وباخ , وموزارت وبيتهوفن . وهي تقترح ان تبتعد عن الموسيقى السريعة وذلك لانها تسرّع دقات القلب . فالموسيقى هي طاقه تماماً مثل الطعام ملكيتك للنوع الملائم منها في المنزل مهمه , كأهمية الحصول على الطعام والفيتامينات اللازمه لحالة الجسم .
لقد بدأت الموسيقى تأخذ اهتماماً متزايداً في الاوساط الطبيه في الاونه الاخيره حيث قامت 69 جامعه امريكيه بفتح فروع لها لتدريس ما يسمى بالموسيقى العلاجيه , وايضاً ظهرت المؤسسه الامريكيه للعلاج بالموسيقى , والتي اصبحت تضم الان ما تزيد على 5000 عضو .
ويقول الخبراء والمختصين ان فكرة العلاج بالموسيقى لا تقتصر فقط على المؤسسات , بل يمكن للمريض احياناً ان يعالج نفسه بالاستماع الى الموسيقى المفضله لديه , التي قد تكون هي كل ما يحتاج اليه للحصول على الراحه . وهكذا اصبحت الموسيقى علاج جديد لمقاومة المرض , وإقرار الصحه الجسديه والنفسيه على السواء .
سيكولوجيه الموسيقى وتأثيرها الباطني :
يشرح علم الأيزوتيريك ( علم البواطن اللامنظوره ) الموسيقى بأنها " صوت تحرك الذبذبات في الاجواء كما في باطن الانسان وهي أصلاً صوت حركة الذبذبات الكهرومغناطيسيه أو تذبذبها في طبقات الاثير " وأن تعرف العلم للصوت بأنه ينجم عن ارتطام الهواء أو احتكاكه بالاجسام الصلبه , ما هو سوى جانب واحد من واقع الصوت يحدد من خلال إمكانية الحاسه السمعيه , لكنه لا يشرح , مثلاً : تفاعل النبات مع الموسيقى .
تخبرنا بعض مخطوطات الشرق الاقصى الغائره في القدم , ان وجود الموسيقى رافق عملية الخلق . وتنفيذ اقوال العازفين أن المتصوفين واليوغيين الكبار , عند الارتقاء بتأملاتهم الى حالات من الغبطه والسمع الروحي , كانوا يسمعون صوت حركة الافلاك في مدارها . ويقال انه , بفضل هؤلاء العرفين , نشأت أبجديه الموسيقى , او النوتات السبع , التي هي في الوقع صوت إيقاع أو نغمة كل من الكواكب السبعه في دورانها .
وان تفاعل الموسيقى مع الكيان بحسب علم الايزوتيريك , يتم عبر الحقل الكهرومغناطيسي أو الهاله الاثيريه المحيطه بذلك الكيان ان كان انساناً او حيواناً او نباتاً . ويشار انه كما يتالف السلم الموسيقي من سبع نوتات موسيقيه كل نوته تتميز بتموجات اي بسرعة تذبذب مختلفه , كذلك أجهزة الوعي السبعه , او الاجسام الباطنيه في الانسان , والتي تكون الكيان البشري .
من هنا يحدث التفاعل مع الموسيقى , إذ ان لكل نغمه موسيقيه درجة تأثير في الهاله الاثيريه , وذلك بحسب درجة تذبذبها ... وكل جهاز وعي , او جسم من اجسام الانسان الباطنيه يتلقى التأثير نفسه , لكن بحسب درجة تفتح وعيه, وهذا ما يفسر ان الموسيقى تعكس الباطن الإنساني وما يحتويه من مستوى وعي .
وهناك اختلاف في تأثير الالات الموسيقية في الكيان البشري, فالالات الايقاعيه كالطبل والدف تتفاعل مع الاحاسيس الجسديه فقط ... فيما الالات النفخيه او الهوائيه كالناي والفلوت والساكسفون , تتفاعل مع المشاعر ... وقد ترتقي الى مستوى المحبه الساميه الشامله . اما الالات الوتريه كالعود والكيتار والبيانو فتتفاعل مع الهاله الاثيريه والفكر ... وائتلاف اصوات جميع هذه الالات مع بعضها البعض بإيقاع معين وبتناغم نوتات معينه تثير المخيله وتطلق العنان للإبداع الفكري , في السمفونيات الخالده مثلاً .
وإن علم النفس اكتشف مؤخراً سر تأثير الموسيقى في الانسان وحالته النفسيه .... لكنه لم يتوصل بعد الى كيفية تفاعل الموسيقى مع الكيان البشري . وان تاثير الموسيقى لا يقف عند حدود النفس البشريه , بل يتعداها الى اعماق الكيان الانساني حيث تستقر الذات العليا رمز الحقيقه في الانسان .
الموسيقى لتحسين الذاكره :
لقد بين البحث الذي اجراه اطباء النفس في جامعة لندن , أن الموسيقى ساعدت في تحسين ذاكرة الاشخاص المسنين المصابين بالحزن , حيث كان اداؤهم الذهني عند استماعهم للموسيقى افضل عند إجابتهم على الاسئله المتعلقه بسيرتهم الذاتيه . وقالت الدكتوره اليزابيث فالنتين استشاريه الطب النفسي في جامعة لندن , ان الموسيقى ساعدت الاشخاص المصابين بحاله بسيطه من الحزن , الذين يعانون عاده من مشكلات معروفه في الذاكره ومشكلات نفسيه وعاطفيه اخرى , على التركيز والانتباه بصوره اكبر , معربه عن اعتقادها بان الحزن قد ينتج جزئياً عن تحطم الوصلات بين الخلايا العصبيه , ويبدو ان الموسيقى تعيد تشكيل هذه الوصلات المفقوده .
وقد ثبت ان الموسيقى في المداجن والمزارع تعمل على زيادة انتاج البيض والمحصول النباتي , وعلى تحسين النوعيه . ونحن نعرف قصة الفارابي الفيلسوف والموسيقار الذي عزف في مجلس الخليفه فأضحك كل من في المجلس ثم بدل لحنه فابكى كل من فيه , ثم بدل اللحن فنام الجميع وخرج الفارابي .
وهناك من الابحاث ما يؤكد ان انواعاً من الموسيقى الهادئه تعين على ازالة البدانه والشحوم , وعلى خفض سكر الدم عند مرضى السكري . وينصح مرضى القرحه والسكري والبدانه وارتفاع الضغط بخاصه , بالاستماع للموسيقى الهادئه دوماً والبعد عن الصخب . وهكذا ولد علم جديد اطلق عليه المعالجه بالموسيقى music therapy .
وهذا ما كتبه ابن جزله سنة( 1704) في كتابه " تقويم الابدان " قال : " الموسيقى من الادوات النافعه في حفظ الصحه . وموضع الالحان من النفوس السليمه , كموضوع الادويه في الابدان المريضه " .
وقد احدث العلاج بالموسيقى ثوره في عالم الطب.
الموسيقى لتعديل المزاج :
تقول الدراسات إنه مهما كانت الموسيقى التي يسمعها الإنسان، فإنها تحسن مزاجه. قال أساتذة في جامعة بن في الولايات المتحدة إن الموسيقى مفيدة للطلاب على أقل تقدير. وقال الباحثون الذين يدرّسون علم النفس والموسيقى إنهم درسوا تأثير الموسيقى واستجابة أمزجة طلابهم لها.
سجل الطلاب مذكراتهم الخاصة بالسماع للموسيقى لمدة أسبوعين وأفادوا أيضا بشأن أمزجتهم قبل وبعد كل جلسة استماع. ولم يقتصر الاستماع إلى الموسيقى على تحسين المزاج فقط، بل إنه عزز أيضا المشاعر الإيجابية الموجودة بالفعل لدى الطلاب.
كذلك فإن نوع الموسيقى لم يحدث اختلافا حيث أن جميع أنواع الموسيقى التي استمع إليها الطلاب كان لها نفس التأثير الإيجابي.
وبعد قيام طلاب علم النفس بالاستماع إلى الموسيقى، أصبح الطلاب أكثر تفاؤلا، سعادة، صداقة، ارتياحا، وهدوءاً. كذلك كان الطلاب أقل تشاؤما وحزنا. ورغم كل ذلك فإن الموسيقى لم تخلص الطلاب كلية من الخوف الذي يسكن صدورهم حيث أنهم لم يقولوا بعد استماعهم للموسيقى إنهم أصبحوا أقل خوفا.
أما بالنسبة للطلاب الذين كانوا يدرون الموسيقى فلم يبدو أن الموسيقى كانت غذاء الحب بالنسبة لهم.
قال الباحثون إن كافة الأمزجة الإيجابية تعززت في الجامعة نتيجة للاستماع إلى الموسيقى باستثناء الحب. وفي غضون ذلك أظهرت الأمزجة السلبية انخفاضا في معدل تكرارها باستثناء الحزن، العداوة، والعدوانية التي إما بقيت على ما كانت عليه أو ارتفعت قليلا.
ولكن طلاب علم النفس والموسيقى كانوا أكثر تقاربا من الاختلاف حين كان الأمر يتعلق بالأفضلية حيث أن غالبيتهم كانوا يفضلون موسيقى الروك.
الابداع الموسيقي والعقل
يشترك كل من المؤلف والمؤدي (العازف أو المغني أو المايسترو )، والمستمع .. في خاصية الابداع الموسيقي..لأن ثلاثتهم يشتركون في خلق العمل الفني، واخراجه بطريقة أو بأخرى .. فالمؤلف يقوم بعملية الابداع الأولي.. ويجيء الدور على الأداء .. فيقوم العازف مثلا باعادة الخلق والابداع للحن الذي وضعه المؤلف .. والذي لا يوجد ولا يسمع بدون العازف.. والأداء هنا هو اشتراك في الابداع مع المؤلف.. لأن اللحن يخرج إلى السمع من خلال العازف وفهمه وتكوينه وتجاوبه العصبي والحسي.. وأخيرا فإن المستمع يشترك مع كل من المؤلف والعازف في عملية الإبداع الموسيقي.. وهو الذي يحكم على جودتها وفقا لتكوينه وظروفه. فهو لذلك يشترك في عملية الابداع الموسيقي.
إن هذا الفن السمعي العظيم.. هو الوحيد بين الفنون الذي لا يوجد الا بثلاثة .. هم المؤلف والعازف والمستمع.. ولا تكون له قيمة على الاطلاق عند تغيب أي من هذه العناصر الثلاثة. وفي بعض الأحيان يكون المؤلف هو نفسه العازف.. وهذا لا ينفي أن عمل المؤلف يمر حتى في هذه الحالة بمرحلتين .. هما التأليف واعادة التأليف أي الأداء.
العقل هو وحده الذي يتحكم في عملية الابداع الموسيقي بجوانبه المختلفة.. والعقل هو وحده الذي يتحكم في الإحساس وفي الذاكرة ، هو وحده الذي يفرق بين الانسان والحيوان.. فما بالكم بالانسان الفنان .. لا بد أن يكون له عقل متكامل..
والإلهام بالمعنى المتداول .. يلغي العقل ويفرض سيطرة الغيبيات. يقال مثلا عن اسلوب عصر معين إنه "اللغة الموسيقية العامة لهذا العصر".. وبمجرد أن يتمكن المستمع من الوصول إلى المعنى الموسيقي.. فإنه يصبح قد خطا في الطريق المؤدي إلى التعرف على الأساليب الموسيقية المختلفة والاحساس بها بلمحة سريعة.
الصوت الموسيقي هو الاساس الذي تبنى عليه نظرية "اللغة العالمية للموسيقى".. وبخلاف الصوت فان هناك قانون التنظيم الداخلي للبناء الموسيقي.. وأيضا توجد قوة التأثير الموسيقي على المستمع، التي تحرك فيه المشاعر وتفجر الأحاسيس وتستدعي الخبرات والتجارب.. وتعيد الذاكرة فيما يختص بأحداث وأحاسيس ترتبط باللحن موضوع التذوق.
والعصر يطبع اللحن ببصمة معينة تميز التشكيل العلمي والوجداني التلقائي له، الذي يتجسد في الأنماط والقوالب الموسيقية.. وإلى جانب العصر، فهناك البيئة التي تلعب دورا رئيسيا في تكوين وتشكيل عقل المؤلف نفسه وحسه الموسيقي.
وفي الواقع، فإن سمات مميزة عديدة تظهر في فنون كل عصر وتوحد بين ملامحها العامة وأسلوب بنائها وفكرها، وأيضا تعبيرها .. وهذه السمات هي التي تميز ما يسمى باللغة الموسيقية لهذا العصر أو ذاك. إن هذه اللغة تضم بين مفرداتها الموسيقية مقامات معينة ترتبط بالعصر، وتآلفات هارمونية لم تكن معروفة أو غير مستعملة في العصر السابق مثلا.. الخ.
وبتفهم وسائل التعبير الموسيقي العام لكل عصر، يتمكن المستمع الجاد من متابعة أي عمل موسيقي ينتمي إلى أحد العصور الموسيقية الرئيسية. وبإيجاز تام، فإنه سيعرف مقدما الكثير عما يستمع اليه، حتى ولو كان هذا الاستماع يتم لعمل موسيقي لم يتعرف عليه من قبل. ويجعل الانسان أكذوبة، بلا ارادة ولا وجود.. وكم سمعنا وعايشنا مؤلفي الموسيقى.. وهم يجاهرون بأن الموهبة وحدها والإلهام البعيد عن التحكم والمتابعة وراء خلق هذا اللحن العظيم أو تلك الدرة الموسيقية.. وهم قد يكونون صادقين.. ولكنهم إن صدقوا .. فلا يمكن أن يكون إبداعهم الموسيقي سوى خرافة وجنون.. ولا تكون مؤلفاتهم سوى تخلف وبدائية وانحطاط. ومن البديهي ان هذا الطراز من الموسيقيين، هم فقط ذوو الثقافة الموسيقية الضحلة..إن كانت لديهم ثقافة على الاطلاق. وللأسف فإن هؤلاء يسمعون أنفسهم ويتخيلون المجد والإبداع.. ويحكمون على عبقرياتهم بآذان عفنة ونفوس مريضة.
الإلهام إن وجد.. هو وليد العقل والسيطرة والتحكم.. وهو وليد الدراسة والثقافة. أما الذاكرة الموسيقية، التي هي العقل الموسيقي، والإلهام بمعناه العلمي فهي التي تحفظ الثقافة والخبرات والقدرات في العقل الباطن للفنان. وهي التي تؤلف ما يريد من ألحان بمجرد تفكير المؤلف فيها واستدعائه لذخيرتها العلمية والحسية.. وليس الحس سوى انطباع عقلي مصحوب بالخيال.
تفشت عادة تعاطي المخدرات بين طبقة من الموسيقيين بهدف الابداع الموسيقي.. في الوقت الذي يجب أن يتناول المؤلف المنشطات لمراكز العقل - وأقول ذلك مجازا- تلك المراكز التي تتحكم في الحس والشعور والذاكرة.. وعندما نلغي نشاطات العقل.. فإننا نلغي الإمكانيات الصحية للتأليف الموسيقي ويصبح الإلهام خرافة وتخلفا وأكذوبة وتعفنا..
هناك تجارب عدة قام بها الزمن والتاريخ .. وراجعها العلم.. والإنسان.. هناك موسيقيون عظماء أمثال (شومان) و (سميتانا).. كتبوا كنوزا للتراث الموسيقي الانساني العالمي.. ثم مرضوا .. واختلت عقولهم!!.. استمروا في الكتابة الموسيقية.. فأصبح أمامنا الفارق بين مؤلفاتهم وهم أصحاء .. وابداعهم الناتج عن الإلهام المجرد، دون تدخل صحيح من العقل البشري- الذي كان قد أصبح عليلا- ودون مراجعة من القوى العقلية الواعية.. ودون ذاكرة بشرية سليمة.. فماذا يمكن أن تكون مؤلفاتهم هذه .. ؟
الذاكرة هي أساس لكل أنواع النشاط والممارسة الموسيقِيَيْن. من الواضح والبديهي أن كلاً من التأليف والأداء، وحتى الاستماع، يعتمد على الذاكرة. فالمؤلف لا يستطيع كتابة أبسط الجمل الموسيقية بفاعلية ذات تأثير إذا لم يكن قد سبق له الاستماع إلى مكونات هذا اللحن وتتابعاته الصوتية والايقاعية والهارمونية.. الخ. وإذا لم يكن بالتالي قد تمكن من اختزانها في عقله الباطن لتكون تحت الطلب عندما يستدعيها عن طريق الذاكرة.. ويتم ذلك عن طريق اللاشعور.. فيتذكرها المؤلف (أي مكونات اللحن) في علاقات وارتباطات جديدة.. حسب التشكيل الجديد للموسيقى التي يكون بصدد كتابتها.
والعازف، بالمثل تقوم ذاكرته بتوجيه أصابعه.. ويتولى هو استدعاء ما يكون قد استمع إليه ودرسه من قبل.. وتكون عملية الاستدعاء هذه هي إعادة خلق اللحن الذي يقوم بأدائه، لأنه يعيد عزفه من خلال ذاكرته وفهمه وإحساسه.. ومن خلال ظروف مختلفة للذاكرة وارتباطاتها النفسية والفسيولوجية بجسم الإنسان ونفسه ومحيط حياته، وسرعة تجاوب جهازه العصبي.
أما المستمع.. الذي من أجله يتم كل شيء.. وبدونه لا شيء يوجد. المستمع هذا، لا يستطيع مثلا أن يغني لحنا ما.. ولا يستطيع أن يستمتع بأي موسيقى يكون قد استمع إليها من قبل، ما لم يتمكن من تذكر هذا اللحن بدرجة مطابقة لواقعه، أو أقرب ما تكون إلى هذا الواقع.. وأكثر من ذلك، فإن عملية الاستماع، حتى إلى لحن جديد.. لا يمكن أن تتخللها متعة، ما لم يكن المستمع متمكنا بذاكرته (أثناء الاستماع) من ربط ما يستمع اليه بالمكونات الموسيقية التي يكون قد تعرف عليها مرات عديدة قبل ذلك.. من مكونات مقامية إلى إيقاعية إلى تلوينات أوركسترالية، إلى آخر إمكانات الفن الموسيقي العلمية والوجدانية.
ومن كل ذلك، يتضح لنا أن الذاكرة الموسيقية هي الأساس الأول للكيان الموسيقي متمثلاً في التأليف والأداء أو الإستماع. إن الذاكرة لا تستطيع أن تعمل أو توجد بدون ارتباطات وعلاقات. أي أن عملية الإستدعاء للأفكار أو الألحان هي التي تؤدي إلى تذكير الأشياء.. فالارتباطات، والعلاقات بين الأشياء هي وسيلة الذاكرة إلى النشاط والعمل.. وعلى سبيل المثال فإن صوت جرس المدرسة قد يعيد إلى ذاكرتنا مشهدا من حياتنا المدرسية ربما مرت عليه أعوام طويلة. وبوجه عام، فإن الليل يذكرنا بالنهار. الأبيض بالأسود.. والعاصفة بالهدوء.. أي أننا نذكر الشيء بنقيضه .. مثل السكر والملح.. وقد نذكر الشيء بالشيء المماثل.. فنذكر أن فاكهة حلوة المذاق. ونتذكر مذاقها عندما نراها أو نسمع عنها أو نرى الغير يأكلها.. وكذلك .. فإننا نتذكر اللحن عندما نستمع إليه.. أي أننا نذكر الشيء بالشيء..وقد نتذكر لحنا عندما نستمع إلى صوت آلة موسيقية معينة تكون مشتركة في أدائه .. الخ.
ورغم أن الذاكرة الموسيقية توجد عند القلة بشكل قوي في فترات معينة من العمر ومن تجربة الحياة.. فإن القاعدة العامة هي أن هذه الذاكرة يتم تكوينها وتدريبها وصقلها .. والوصول بها إلى مستوى جيد يمكّن صاحبها من الاعتماد عليها في التأليف والأداء أو الاستماع.. وهذا التدريب والتكوين للذاكرة الموسيقية يتم فقط، عن طريق متابعة تقديم المعلومات الموسيقية (في أي صورة من أشكالها) بانتظام وبوعي يقوم الأخير باختزانها.. والسماح لها بالخروج بمجرد الاستدعاء.. أي بمجرد أن يحاول الإنسان تذكرها.
عندما أصيب (شومان) بمرضه العقلي الذي أدى به إلى الحياة في مستشفى الأمراض العقلية حتى آخر أيامه، كتب مجموعة من "التنويعات لآلة البيانو". وكان وهو يؤلف هذه الموسيقى يقفز من فراشه أثناء النوم بعد أن توقظه خيالاته: "أجمل ألحان الملائكة" ، "وحي إلهي من السماء".. ويجري إلى الورق ليدون إلهامه، الذي قال وكتب.إنه أجمل موسيقى عرفتها البشرية، ويتضح أن الألحان التي قال عنها مؤلفها (شومان) إنها "أجمل ألحان الملائكة".. لا تزيد عن أن تكون ألحانا للشياطين .. لأن العقل مريض.. والذاكرة الموسيقية مشوشة.. تماما كما يروي عباقرة كثيرون لا يعلمون ماذا يفعلون..
ومن مؤلفات شومان وهو مريض - وهي ليست للنشر ولا للأداء - لحن مشوه.. باهت.. ولكنه إعادة فقيرة تنقصها الذاكرة، لإحدى مؤلفاته العظيمة التي كتبها قبل مرضه.
وهذا نموذج واحد.. يوضح لنا أن الإلهام الحقيقي هو الذي يكون فيه الذكاء والعقل الواعي متحكما في كل ما يبدعه الفنان.. وقد يكون هذا التحكم تلقائيا نتيجة للمقدرة والتدريب الواعي الذي يكون (اللاشعور) قد اختزن خلاله المعرفة والإمكانيات، والمقومات التي تؤدي -عند استدعائها- إلى تيار متدفق.. من الإبداع الموسيقي الخصب..
أما الوحي.. والإلهام المجردان من مراجعة العقل.. فإنهما جنون .. ومرض .. وتخلف.
إن موسيقى شومان وهو مريض، تضمنت لحناً واحداً سليماً من الناحية العلمية..أي سليم في تركيبه.. لأنه يبدو أن مخزون عقله الباطن من العلوم والتجارب الموسيقية قبل مرضه، قد سمح لعقله الواعي ببعض الشيء.. ولكن حتى هذا اللحن خرج فقيراً في إنسانيته.. خالياً من كل نفحة حياة.. لأن هذه الشعلة المقدسة التي تلهب الإبداع الموسيقي بإنفعال الحياة.. قد انطفأت بعد أن أصبح العقل عليلا، والإحساس وهماً.. قد يقترب من الحقيقة والواقع لحظة، ولكنه يبعد عنها سنوات..
وفي المكتبة القومية بفيينا.. توجد صفحتان من مدوناتٍ بخطِ يد المؤلف الألماني العظيم "اوجوفولف" الذي عاش فترة من حياته في مستشفى الدكتور- "سفتلتج" للأمراض العقلية.. وقد قرر علماء النفس الموسيقيون أن حالته تماثل حالة شومان.. فأعماله وهو مريض بدائية فقيرة.. مهزوزة.. بينما كان يعتقد أنها.. إلهام إلهي نادر..
هذا هو نتاج العقل الباطن الذي يعمل بدون تنسيق من عقل واع صحيح بل مع ذاكرة مختلة وذكاء مهدوم.
أما المؤلف التشيكي القومي العظيم "سميتانا" فقد كانت حالته تثير الأسى.. لأنه عاش العشر سنوات الأخيرة من حياته أصمّا - مثل بيتهوفن - ولكنه في العامين السابقين لوفاته، فقد عقله، وحاول أن يكمل أحد اعماله التي كان قد بدأها قبل مرضه، وكتب لأحد أصدقائه: (إنني أكتب الموسيقى الآن لسبب واحد فقط.. وهو أن يعرف الناس ماذا يمكن لمختل مثلي أن يكتب وحتى يكون ذلك تسجيلا مفيدا لغيري".
وبالطبع .. فإن الصفحة الأخيرة من هذا العمل الذي كان أوبرا "فيولا" هي تسجيل بشع لنهاية موسيقي عظيم.. فقد كان لا يفهم النص الشعري.. ولا يعرف هل يكتب عملا للأصوات أم للآلات.
الخلاصة.. هي أن الموسيقى فن العقلاء.. بل هي قمة الفكر، ولذلك فهي قمة الشعور والأحاسيس.. فلا يوجد إحساس ولا عاطفة إلا وخلفهما عقل محرك واع سليم.. وطالما قرر "برامز"- الذي عاش في القرن التاسع عشر.. عصر الرومنتيكية- أن الموسيقى هي فن العقل فقط .. وبالفكر والتحكم العقلي.. تحمل الموسيقى إمكانيات العلوم.. التي هي هرمونيات جميلة معبرة.. وإيقاعات نابضة بالحياة.. وقوالب معمارية متناسقة، وألوان أوركسترالية عميقة.. رائعة.. أي أنه بالفكر وحده تغني الموسيقى نداء القلب وأنشودة السلام..
وقبل أن ننتقل إلى موضوع جديد يرتبط أيضا بالموهبة والإلهام وصفة الكتابة الموسيقية أرجو أن أشير إلى أساس الإلهام وأساس الوحي – لو جاز التعبير- وهو الخيال. فالمؤلف الموسيقي يتمتع بخيال خصب يجعله يرسم بخياله اللوحات الموسيقية ويستمع اليها داخليا، في يقظته وفي نومه ودون أن يستعين بآلة موسيقية. وهذا الخيال هو بالفعل حالة دائمة مستمرة ترافق الفنان وتظل معه حتى تتبلور خيالات المؤلف فيما يسمى بالإلهام الذي يؤدي إلى إبداع المؤلفات الموسيقية. ومن المهم أن أوضح أن الدراسة والعلم والحالة الذهنية الصحيحة هي التي تؤدي إلى الخيال الخصب، لأن الخيال يرسم صوراً ويضع تخطيطاً للمؤلفات، وينتقي القفلات وذروة الإنفعال ويؤدي إلى الرنين والاستماع الداخلي، ويحول صورة الطبيعة الى عالم هائل من الأصوات، ويبني من الموسيقى ذروة اتصال وإلهام وابداع، ولا يمكن أن يكون كل ذلك جميلاً وسليماً إلا إذا كان العقل يحتفظ بخبرات سابقة مدروسة ومنظمة، فالخيال الإنساني صورة متجددة لما يستدعيه العقل من الخبرات المختزنة في اللاشعور. فالشيء بالشيء يذكر، وأحياناً يذكر الشيء بنقيضه، فيعمل الخيال الصحيح من منطلق العقل الصحيح والعلم والمنطق الذي ينظم الأحداث والرؤى في الخيال ويؤدي إلى لحظة الإلهام، وهي لحظة تتبلور فيها المشاعر والخيالات المحكومة بالخبرات السابقة وبالذاكرة، إنهاعملية شديدة التعقيد في تفسيرها، ولكنها بسيطة عبقرية ملهمة بالخيال الموسيقي المتموج في كيان المؤلف والعازف والمستمع. وكما أن العقل السليم في الجسم السليم، فإن الخيال السليم لا يكون إلا بالعقل السليم والعلم
الموسيقى.. هي مخدرات مشروعة!!
يقول بيتر جاناتا المتخصص في العلوم العصبية صاحب دراسة حديثة عن صعوبة نسيان بعض الألحان الموسيقية.. "إن الموسيقى هي المخدرات المشروعة". والدراسة التي أجراها بيتر جاناتا وزملاؤه في كلية دار تماون هي خطوة نحو معرفة كيفية إثارة الموسيقى للمخ.
وقد أثبت الباحثون في هذه الدراسة كيف يكون الجزء من المخ الذي يتابع الموسيقى في حالة نشاط في عمليات التحليل المنطقي والتذكر والاستدعاء من الذاكرة. هذه المنطقة من المخ هي القشرة الجبهية، وتقع خلف الجبهة مباشرة، وهي مرتبطة أيضا بالعواطف والشعور بالنفس.
يقول بيتر جاناتا إن هذا يوضح كيف ترتبط الموسيقا بالخبرة الشخصية، مشيرا إلى الطريقة التي يمكن أن تذكر الأغنية أو الموسيقى بتجارب سابقة في الطفولة أو أي تجارب عاطفية. وهذا يفسر أيضا سبب أن تجد نفسك فجأة في حالة نفسية معينة. فعندما تسري نغمات موسيقية فجأة في رأسك لا تستطيع أن تطردها.
وهناك منطقة في المخ ترتبط بالتفكير التلقائي، وقد تكون القشرة الجبهية المرتبطة بالموسيقى تقوم بعملية تفكير تلقائي في الوقت نفسه. وإن ارتباط القشرة الجبهية بالموسيقى هو جزء فقط من المعضلة الكلية.
ومن الجدير ذكره أن أحدث وسيلة تكنولوجية في إطار المعالجة الفيزيائية لمشكلات الظهر، تتمثل في استخدام الموسيقى لتخفيف الآلام والأوجاع في هذه المنطقة.. فقد نجح الباحثون في استخدام الموسيقى كوسيلة جديدة لمساعدة العضلات على الارتخاء وتخفيف توترها المسبب للتشنج والألم.
ويقول العلماء إن الموسيقى تفتح نافذة روحية وتخلق بيئة هادئة للشفاء، وفي دراسة أجريت في مستشفى بسان فرانسيسكو بـ أميركا وجدت أن الأشخاص الذين أجريت لهم جراحات في القلب بينما كانت الموسيقى تعزف كانوا أقل معاناة من القلق والضغوط والألم قبل وإثناء وبعد العملية.
فإذا كنت تتماثل للشفاء من مرض فاستمع إلى الموسيقى التي تريحك وتجعلك تشعر بالاسترخاء، فالموسيقى الصاخبة لا تناسبك وإنما الكلاسيكية.
وأوضح الباحثون في مستشفى سالزبيرغ العام، أن الموسيقى الكلاسيكية الهادئة مثلها مثل تقنيات الاسترخاء التخيلي الأخرى، تعمل على الجهاز العصبي الذاتي، فتقلل التوتر الداخلي والعضلي وتخفف الإحساس بالألم، وتحفز الشعور بالراحة والهدوء والحيوية.
وذكرت دراسات طبية حديثة أن دماغ الإنسان قادر على إصدار موجات أشبه بالموسيقى تساعد المرء على التخلص من الأرق أو تقليل الإصابة به. وذكر أن فريقا من الباحثين الكنديين عكف على دراسة دور الموسيقى في المساعدة على النوم لمساعدة الأشخاص الذين يعانون الأرق وقلة النوم وللحد من تعاطيهم للعقاقير المهدئة.
وقالت إن العلماء طوروا نوعا من الموسيقى بما ينطبق مع موجات الدماغ الصادرة عن كل شخص من الذين تم إخضاعهم لهذا النوع من العلاج ومعرفة كيفية عمل تلك الموجات على خفض التوتر والمساعدة على الخلود إلى النوم فور الاستماع لها. وأضافت أن الباحثين درسوا نوعا معينا من الألحان من شأنها خلق حالة من التأمل عند المرء ومن ثم حللوها باستخدام برنامج حاسوبي أعد خصيصا لذلك الغرض احتوى على نماذج لعلاجات موسيقية تم استخدامها من قبل ومن ثم اختيار النوع المناسب منها والذي يطابق المخ لذلك الشخص عند محاولته الخلود إلى النوم .
واستنتج الباحثون من خلال تجاربهم أن الموسيقى الدماغية التي يختارها الفرد لنفسه تقلل من أعراض بعض الأمراض مثل التوتر على خلاف بعض المسكنات التي يتناولها المصابون بالأرق والتي تجعلهم مدمنين عليها. ونقلت الهيئة عن البروفيسور بقسم علم النفس بجامعة تورونتو الكندية ليونارد كيوموف قوله ان موسيقى الدماغ تقدم حلا بديلا للذين يعانون الأرق لأنها لا تتسبب بأعراض جانبية سيئة كالإدمان عليها كما ان معظم الفلاسفة والكتاب والمؤرخين والشعراء اعتمدوا هذا النوع من العلاجات لما يؤمنون به من دور فعال للموسيقى في تقليل التوتر والمساعدة على الاسترخاء.
ومن جانب آخر، توصل بحث علمي إلى أن المادة السنجابية التي لها علاقة بالإنتاج الموسيقي هي أكبر حجما في أدمغة الموسيقيين مقارنة بسواهم.
ويفسر هذا الاكتشاف القول إن الموهبة الموسيقية لا تصنع بل أن الشخص يولد وهو يحمل العبقرية الموسيقية. وبناء على ذلك ربما يعزى تكرار الانقباضات الدماغية لدى العازفين إلى زيادة في المادة السنجابية الموجودة في الدماغ.
وفي الدراسة الجديدة قام فريق من الباحثين في جامعة هيدلبرج الألمانية بتسجيل ردود فعل الدماغ أثناء عزف نغمات ذات تردد مختلف من قبل عازفين محترفين وآخرين هواة.
وقد وجد العلماء أن أدمغة الموسيقيين المحترفين تبدي قدرا أكبر من الاستجابة للنغمات قياسا بغير الموسيقيين. أما استجابة أدمغة الهواة فتأتي بين هؤلاء وأولئك.
واكتشف العلماء أن المادة السنجابية في الجزء الذي يتحسس للموسيقى في الدماغ أكبر بـ 130 بالمائة لدى الموسيقيين المحترفين مقارنة بالأشخاص غير الموسيقيين.
ويقول الدكتور بيتر شنايدر، رئيس فريق البحث، إن كمية هذه المادة ثابت منذ الولادة، مما يعني دخول العامل الوراثي في الموضوع.
ويؤكد أنه لا بد أن يكون للوراثة دور كبير في وجود كمية أكبر من المادة السنجابية لدى محترفي الموسيقى، لكنه يضيف أن الجينات ليست كل شيء بل أن الترعرع في عائلة موسيقية له دور أيضا، إذ أنه يتيح للطفل تنمية أذن موسيقية.
ويرى شنايدر أن للاستماع للموسيقى وترديد الأغاني أثناء المراحل المبكرة من الطفولة دورا مهما. ويعتقد العلماء أن الميول الموسيقية أو القدرة الكامنة في هذا المجال لا يمكن تطويعها بعد سن التاسعة. إذًا السؤال هو كيف يصنع الموسيقار الكبير؟
ويجيب الدكتور شنايدر بأن التأثير قد يكون وراثيا فقط أو بسبب الجو العائلي في مراحل الطفولة الأولى. إلا أنه ليس من المرجح أن يحسم البحث المنشور في مجلة "نيتشر نيوروساينس" الجدل الدائر حول هذا الموضوع.
ووفقا لرأي الدكتور بوب كارليون من مجلس البحوث الطبية في بريطانيا فإن هناك تفسيرات عديدة لذلك. ويقول كارليون إن المشكلة في هذا النوع من البحوث هي عدم قدرتها على تحديد إذا كانت المادة السنجابية في الدماغ قد أصبحت أكبر حجما وأكثر استجابة بسبب الممارسة المستمرة، أم أن شخصا ما يصبح موسيقيا لأن تلك المادة في دماغه أكبر وأكثر حساسية من غيره. لكن الدراسة توفر، على أي حال، نظرة جديدة لكيفية استجابة الدماغ للموسيقى .
أما المستمع.. الذي من أجله يتم كل شيء.. وبدونه لا شيء يوجد. المستمع هذا، لا يستطيع مثلا أن يغني لحنا ما.. ولا يستطيع أن يستمتع بأي موسيقى يكون قد استمع إليها من قبل، ما لم يتمكن من تذكر هذا اللحن بدرجة مطابقة لواقعه، أو أقرب ما تكون إلى هذا الواقع.. وأكثر من ذلك، فإن عملية الاستماع، حتى إلى لحن جديد.. لا يمكن أن تتخللها متعة، ما لم يكن المستمع متمكنا بذاكرته (أثناء الاستماع) من ربط ما يستمع اليه بالمكونات الموسيقية التي يكون قد تعرف عليها مرات عديدة قبل ذلك.. من مكونات مقامية إلى إيقاعية إلى تلوينات أوركسترالية، إلى آخر إمكانات الفن الموسيقي العلمية والوجدانية.
ومن كل ذلك، يتضح لنا أن الذاكرة الموسيقية هي الأساس الأول للكيان الموسيقي متمثلاً في التأليف والأداء أو الإستماع. إن الذاكرة لا تستطيع أن تعمل أو توجد بدون ارتباطات وعلاقات. أي أن عملية الإستدعاء للأفكار أو الألحان هي التي تؤدي إلى تذكير الأشياء.. فالارتباطات، والعلاقات بين الأشياء هي وسيلة الذاكرة إلى النشاط والعمل.. وعلى سبيل المثال فإن صوت جرس المدرسة قد يعيد إلى ذاكرتنا مشهدا من حياتنا المدرسية ربما مرت عليه أعوام طويلة. وبوجه عام، فإن الليل يذكرنا بالنهار. الأبيض بالأسود.. والعاصفة بالهدوء.. أي أننا نذكر الشيء بنقيضه .. مثل السكر والملح.. وقد نذكر الشيء بالشيء المماثل.. فنذكر أن فاكهة حلوة المذاق. ونتذكر مذاقها عندما نراها أو نسمع عنها أو نرى الغير يأكلها.. وكذلك .. فإننا نتذكر اللحن عندما نستمع إليه.. أي أننا نذكر الشيء بالشيء..وقد نتذكر لحنا عندما نستمع إلى صوت آلة موسيقية معينة تكون مشتركة في أدائه .. الخ.
ورغم أن الذاكرة الموسيقية توجد عند القلة بشكل قوي في فترات معينة من العمر ومن تجربة الحياة.. فإن القاعدة العامة هي أن هذه الذاكرة يتم تكوينها وتدريبها وصقلها .. والوصول بها إلى مستوى جيد يمكّن صاحبها من الاعتماد عليها في التأليف والأداء أو الاستماع.. وهذا التدريب والتكوين للذاكرة الموسيقية يتم فقط، عن طريق متابعة تقديم المعلومات الموسيقية (في أي صورة من أشكالها) بانتظام وبوعي يقوم الأخير باختزانها.. والسماح لها بالخروج بمجرد الاستدعاء.. أي بمجرد أن يحاول الإنسان تذكرها.
عندما أصيب (شومان) بمرضه العقلي الذي أدى به إلى الحياة في مستشفى الأمراض العقلية حتى آخر أيامه، كتب مجموعة من "التنويعات لآلة البيانو". وكان وهو يؤلف هذه الموسيقى يقفز من فراشه أثناء النوم بعد أن توقظه خيالاته: "أجمل ألحان الملائكة" ، "وحي إلهي من السماء".. ويجري إلى الورق ليدون إلهامه، الذي قال وكتب.إنه أجمل موسيقى عرفتها البشرية، ويتضح أن الألحان التي قال عنها مؤلفها (شومان) إنها "أجمل ألحان الملائكة".. لا تزيد عن أن تكون ألحانا للشياطين .. لأن العقل مريض.. والذاكرة الموسيقية مشوشة.. تماما كما يروي عباقرة كثيرون لا يعلمون ماذا يفعلون..
ومن مؤلفات شومان وهو مريض - وهي ليست للنشر ولا للأداء - لحن مشوه.. باهت.. ولكنه إعادة فقيرة تنقصها الذاكرة، لإحدى مؤلفاته العظيمة التي كتبها قبل مرضه.
وهذا نموذج واحد.. يوضح لنا أن الإلهام الحقيقي هو الذي يكون فيه الذكاء والعقل الواعي متحكما في كل ما يبدعه الفنان.. وقد يكون هذا التحكم تلقائيا نتيجة للمقدرة والتدريب الواعي الذي يكون (اللاشعور) قد اختزن خلاله المعرفة والإمكانيات، والمقومات التي تؤدي -عند استدعائها- إلى تيار متدفق.. من الإبداع الموسيقي الخصب..
أما الوحي.. والإلهام المجردان من مراجعة العقل.. فإنهما جنون .. ومرض .. وتخلف.
إن موسيقى شومان وهو مريض، تضمنت لحناً واحداً سليماً من الناحية العلمية..أي سليم في تركيبه.. لأنه يبدو أن مخزون عقله الباطن من العلوم والتجارب الموسيقية قبل مرضه، قد سمح لعقله الواعي ببعض الشيء.. ولكن حتى هذا اللحن خرج فقيراً في إنسانيته.. خالياً من كل نفحة حياة.. لأن هذه الشعلة المقدسة التي تلهب الإبداع الموسيقي بإنفعال الحياة.. قد انطفأت بعد أن أصبح العقل عليلا، والإحساس وهماً.. قد يقترب من الحقيقة والواقع لحظة، ولكنه يبعد عنها سنوات..
وفي المكتبة القومية بفيينا.. توجد صفحتان من مدوناتٍ بخطِ يد المؤلف الألماني العظيم "اوجوفولف" الذي عاش فترة من حياته في مستشفى الدكتور- "سفتلتج" للأمراض العقلية.. وقد قرر علماء النفس الموسيقيون أن حالته تماثل حالة شومان.. فأعماله وهو مريض بدائية فقيرة.. مهزوزة.. بينما كان يعتقد أنها.. إلهام إلهي نادر..
هذا هو نتاج العقل الباطن الذي يعمل بدون تنسيق من عقل واع صحيح بل مع ذاكرة مختلة وذكاء مهدوم.
أما المؤلف التشيكي القومي العظيم "سميتانا" فقد كانت حالته تثير الأسى.. لأنه عاش العشر سنوات الأخيرة من حياته أصمّا - مثل بيتهوفن - ولكنه في العامين السابقين لوفاته، فقد عقله، وحاول أن يكمل أحد اعماله التي كان قد بدأها قبل مرضه، وكتب لأحد أصدقائه: (إنني أكتب الموسيقى الآن لسبب واحد فقط.. وهو أن يعرف الناس ماذا يمكن لمختل مثلي أن يكتب وحتى يكون ذلك تسجيلا مفيدا لغيري".
وبالطبع .. فإن الصفحة الأخيرة من هذا العمل الذي كان أوبرا "فيولا" هي تسجيل بشع لنهاية موسيقي عظيم.. فقد كان لا يفهم النص الشعري.. ولا يعرف هل يكتب عملا للأصوات أم للآلات.
الخلاصة.. هي أن الموسيقى فن العقلاء.. بل هي قمة الفكر، ولذلك فهي قمة الشعور والأحاسيس.. فلا يوجد إحساس ولا عاطفة إلا وخلفهما عقل محرك واع سليم.. وطالما قرر "برامز"- الذي عاش في القرن التاسع عشر.. عصر الرومنتيكية- أن الموسيقى هي فن العقل فقط .. وبالفكر والتحكم العقلي.. تحمل الموسيقى إمكانيات العلوم.. التي هي هرمونيات جميلة معبرة.. وإيقاعات نابضة بالحياة.. وقوالب معمارية متناسقة، وألوان أوركسترالية عميقة.. رائعة.. أي أنه بالفكر وحده تغني الموسيقى نداء القلب وأنشودة السلام..
وقبل أن ننتقل إلى موضوع جديد يرتبط أيضا بالموهبة والإلهام وصفة الكتابة الموسيقية أرجو أن أشير إلى أساس الإلهام وأساس الوحي – لو جاز التعبير- وهو الخيال. فالمؤلف الموسيقي يتمتع بخيال خصب يجعله يرسم بخياله اللوحات الموسيقية ويستمع اليها داخليا، في يقظته وفي نومه ودون أن يستعين بآلة موسيقية. وهذا الخيال هو بالفعل حالة دائمة مستمرة ترافق الفنان وتظل معه حتى تتبلور خيالات المؤلف فيما يسمى بالإلهام الذي يؤدي إلى إبداع المؤلفات الموسيقية. ومن المهم أن أوضح أن الدراسة والعلم والحالة الذهنية الصحيحة هي التي تؤدي إلى الخيال الخصب، لأن الخيال يرسم صوراً ويضع تخطيطاً للمؤلفات، وينتقي القفلات وذروة الإنفعال ويؤدي إلى الرنين والاستماع الداخلي، ويحول صورة الطبيعة الى عالم هائل من الأصوات، ويبني من الموسيقى ذروة اتصال وإلهام وابداع، ولا يمكن أن يكون كل ذلك جميلاً وسليماً إلا إذا كان العقل يحتفظ بخبرات سابقة مدروسة ومنظمة، فالخيال الإنساني صورة متجددة لما يستدعيه العقل من الخبرات المختزنة في اللاشعور. فالشيء بالشيء يذكر، وأحياناً يذكر الشيء بنقيضه، فيعمل الخيال الصحيح من منطلق العقل الصحيح والعلم والمنطق الذي ينظم الأحداث والرؤى في الخيال ويؤدي إلى لحظة الإلهام، وهي لحظة تتبلور فيها المشاعر والخيالات المحكومة بالخبرات السابقة وبالذاكرة، إنهاعملية شديدة التعقيد في تفسيرها، ولكنها بسيطة عبقرية ملهمة بالخيال الموسيقي المتموج في كيان المؤلف والعازف والمستمع. وكما أن العقل السليم في الجسم السليم، فإن الخيال السليم لا يكون إلا بالعقل السليم والعلم
الموسيقى.. هي مخدرات مشروعة!!
يقول بيتر جاناتا المتخصص في العلوم العصبية صاحب دراسة حديثة عن صعوبة نسيان بعض الألحان الموسيقية.. "إن الموسيقى هي المخدرات المشروعة". والدراسة التي أجراها بيتر جاناتا وزملاؤه في كلية دار تماون هي خطوة نحو معرفة كيفية إثارة الموسيقى للمخ.
وقد أثبت الباحثون في هذه الدراسة كيف يكون الجزء من المخ الذي يتابع الموسيقى في حالة نشاط في عمليات التحليل المنطقي والتذكر والاستدعاء من الذاكرة. هذه المنطقة من المخ هي القشرة الجبهية، وتقع خلف الجبهة مباشرة، وهي مرتبطة أيضا بالعواطف والشعور بالنفس.
يقول بيتر جاناتا إن هذا يوضح كيف ترتبط الموسيقا بالخبرة الشخصية، مشيرا إلى الطريقة التي يمكن أن تذكر الأغنية أو الموسيقى بتجارب سابقة في الطفولة أو أي تجارب عاطفية. وهذا يفسر أيضا سبب أن تجد نفسك فجأة في حالة نفسية معينة. فعندما تسري نغمات موسيقية فجأة في رأسك لا تستطيع أن تطردها.
وهناك منطقة في المخ ترتبط بالتفكير التلقائي، وقد تكون القشرة الجبهية المرتبطة بالموسيقى تقوم بعملية تفكير تلقائي في الوقت نفسه. وإن ارتباط القشرة الجبهية بالموسيقى هو جزء فقط من المعضلة الكلية.
ومن الجدير ذكره أن أحدث وسيلة تكنولوجية في إطار المعالجة الفيزيائية لمشكلات الظهر، تتمثل في استخدام الموسيقى لتخفيف الآلام والأوجاع في هذه المنطقة.. فقد نجح الباحثون في استخدام الموسيقى كوسيلة جديدة لمساعدة العضلات على الارتخاء وتخفيف توترها المسبب للتشنج والألم.
ويقول العلماء إن الموسيقى تفتح نافذة روحية وتخلق بيئة هادئة للشفاء، وفي دراسة أجريت في مستشفى بسان فرانسيسكو بـ أميركا وجدت أن الأشخاص الذين أجريت لهم جراحات في القلب بينما كانت الموسيقى تعزف كانوا أقل معاناة من القلق والضغوط والألم قبل وإثناء وبعد العملية.
فإذا كنت تتماثل للشفاء من مرض فاستمع إلى الموسيقى التي تريحك وتجعلك تشعر بالاسترخاء، فالموسيقى الصاخبة لا تناسبك وإنما الكلاسيكية.
وأوضح الباحثون في مستشفى سالزبيرغ العام، أن الموسيقى الكلاسيكية الهادئة مثلها مثل تقنيات الاسترخاء التخيلي الأخرى، تعمل على الجهاز العصبي الذاتي، فتقلل التوتر الداخلي والعضلي وتخفف الإحساس بالألم، وتحفز الشعور بالراحة والهدوء والحيوية.
وذكرت دراسات طبية حديثة أن دماغ الإنسان قادر على إصدار موجات أشبه بالموسيقى تساعد المرء على التخلص من الأرق أو تقليل الإصابة به. وذكر أن فريقا من الباحثين الكنديين عكف على دراسة دور الموسيقى في المساعدة على النوم لمساعدة الأشخاص الذين يعانون الأرق وقلة النوم وللحد من تعاطيهم للعقاقير المهدئة.
وقالت إن العلماء طوروا نوعا من الموسيقى بما ينطبق مع موجات الدماغ الصادرة عن كل شخص من الذين تم إخضاعهم لهذا النوع من العلاج ومعرفة كيفية عمل تلك الموجات على خفض التوتر والمساعدة على الخلود إلى النوم فور الاستماع لها. وأضافت أن الباحثين درسوا نوعا معينا من الألحان من شأنها خلق حالة من التأمل عند المرء ومن ثم حللوها باستخدام برنامج حاسوبي أعد خصيصا لذلك الغرض احتوى على نماذج لعلاجات موسيقية تم استخدامها من قبل ومن ثم اختيار النوع المناسب منها والذي يطابق المخ لذلك الشخص عند محاولته الخلود إلى النوم .
واستنتج الباحثون من خلال تجاربهم أن الموسيقى الدماغية التي يختارها الفرد لنفسه تقلل من أعراض بعض الأمراض مثل التوتر على خلاف بعض المسكنات التي يتناولها المصابون بالأرق والتي تجعلهم مدمنين عليها. ونقلت الهيئة عن البروفيسور بقسم علم النفس بجامعة تورونتو الكندية ليونارد كيوموف قوله ان موسيقى الدماغ تقدم حلا بديلا للذين يعانون الأرق لأنها لا تتسبب بأعراض جانبية سيئة كالإدمان عليها كما ان معظم الفلاسفة والكتاب والمؤرخين والشعراء اعتمدوا هذا النوع من العلاجات لما يؤمنون به من دور فعال للموسيقى في تقليل التوتر والمساعدة على الاسترخاء.
ومن جانب آخر، توصل بحث علمي إلى أن المادة السنجابية التي لها علاقة بالإنتاج الموسيقي هي أكبر حجما في أدمغة الموسيقيين مقارنة بسواهم.
ويفسر هذا الاكتشاف القول إن الموهبة الموسيقية لا تصنع بل أن الشخص يولد وهو يحمل العبقرية الموسيقية. وبناء على ذلك ربما يعزى تكرار الانقباضات الدماغية لدى العازفين إلى زيادة في المادة السنجابية الموجودة في الدماغ.
وفي الدراسة الجديدة قام فريق من الباحثين في جامعة هيدلبرج الألمانية بتسجيل ردود فعل الدماغ أثناء عزف نغمات ذات تردد مختلف من قبل عازفين محترفين وآخرين هواة.
وقد وجد العلماء أن أدمغة الموسيقيين المحترفين تبدي قدرا أكبر من الاستجابة للنغمات قياسا بغير الموسيقيين. أما استجابة أدمغة الهواة فتأتي بين هؤلاء وأولئك.
واكتشف العلماء أن المادة السنجابية في الجزء الذي يتحسس للموسيقى في الدماغ أكبر بـ 130 بالمائة لدى الموسيقيين المحترفين مقارنة بالأشخاص غير الموسيقيين.
ويقول الدكتور بيتر شنايدر، رئيس فريق البحث، إن كمية هذه المادة ثابت منذ الولادة، مما يعني دخول العامل الوراثي في الموضوع.
ويؤكد أنه لا بد أن يكون للوراثة دور كبير في وجود كمية أكبر من المادة السنجابية لدى محترفي الموسيقى، لكنه يضيف أن الجينات ليست كل شيء بل أن الترعرع في عائلة موسيقية له دور أيضا، إذ أنه يتيح للطفل تنمية أذن موسيقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق